تُعد اللدونة التشابكية (Synaptic Plasticity) من المفاهيم الأساسية في علم الأعصاب، وهي تشير إلى قدرة الدماغ على تعديل، تقوية، أو إضعاف الاتصالات بين الخلايا العصبية، بما يتماشى مع الخبرات والمعرفة المكتسبة. هذه القدرة الحيوية تُشكّل الأساس للذاكرة، التعلم، والتطور المعرفي المستمر. ومع التقدم في البحوث العصبية، أصبح من الممكن تعزيز هذه اللدونة بوسائل طبيعية وسهلة التطبيق. وفي هذا المقال، نسلط الضوء على أبرز الطرق المدعومة علمياً لتحفيز اللدونة التشابكية وتحسين وظائف الدماغ.
أولاً: ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة
تلعب التمارين الهوائية مثل المشي السريع، الجري، السباحة وركوب الدراجة دورًا محوريًا في تعزيز صحة الدماغ. فقد أثبتت الدراسات أن النشاط البدني يزيد من إفراز بروتين يُعرف بـ BDNF (Brain-Derived Neurotrophic Factor)، والذي يُعتبر عاملاً حيويًا في دعم نمو المشابك العصبية وتكوين مسارات جديدة للتعلم والذاكرة.
ثانياً: التغذية المتوازنة
تلعب التغذية السليمة دوراً جوهرياً في دعم وظائف الدماغ، وتحديدًا اللدونة التشابكية، ومن أبرز العناصر الغذائية المفيدة:
• أحماض أوميغا-3 الدهنية: تتوفر في الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين، وتساهم في بناء الأغشية العصبية.
• مضادات الأكسدة: كالموجودة في التوت، الشاي الأخضر، والسبانخ، تعمل على تقليل التأكسد العصبي وتحافظ على صحة الخلايا الدماغية.
• الكركمين: وهو المركب الفعال في الكركم، يعزز من مستويات BDNF ويحسن القدرات الإدراكية.
كما يُنصح بالحد من تناول السكريات والدهون المشبعة، لما لها من تأثير سلبي على الصحة الدماغية.
ثالثاً: النوم الكافي والعميق
يُعد النوم عنصرًا حيويًا في دعم عمل الدماغ، حيث تجري خلاله عمليات إعادة تنظيم وتقوية للوصلات العصبية الجديدة. وتُظهر الأبحاث أن قلة النوم تؤثر سلباً على القدرة على التعلم واسترجاع المعلومات. لذلك، يُوصى بالحصول على ما لا يقل عن 7–8 ساعات من النوم يوميًا، وخصوصاً النوم العميق خلال الليل.
رابعاً: تقليل التوتر النفسي
يؤدي التوتر المزمن إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، وهو هرمون قد يضعف تكوين المشابك العصبية ويقلل من إفراز BDNF. ولتقليل آثار التوتر، يُنصح بممارسة تقنيات الاسترخاء مثل:
• التأمل والتنفس العميق
• اليوغا
• المشي في الطبيعة
كلها أثبتت فعاليتها في تحسين المزاج وتعزيز اللدونة الدماغية.
خامساً: تحفيز العقل والتعلم المستمر
الدماغ كأي عضلة، ينمو ويقوى بالاستخدام. لذا فإن تعلم مهارات جديدة مثل لغة أجنبية، حفظ بعض الآيات القرآنيه أو حتى ممارسة هواية جديدة، يُعد من أقوى المحفزات لنمو الشبكات العصبية. كما تسهم بعض الألعاب الذهنية في تنشيط مراكز التفكير والتحليل.
سادساً: المكملات الغذائية (بعد استشارة الطبيب)
يمكن لبعض المكملات الغذائية أن تدعم صحة الدماغ، ومنها:
• أوميغا-3
• المغنيسيوم
• فيتامين D
• مستخلص الجينكو بيلوبا الذي يُحسن تدفق الدم إلى الدماغ
وفي الختام فان تحسين اللدونة التشابكية في الدماغ ليس مجرد هدف نظري، بل هو أسلوب حياة يُمكن لأي شخص تبنّيه. من خلال الاهتمام بالنشاط البدني، النوم، التغذية، والابتعاد عن التوتر، يمكن للإنسان أن يعزز قدراته الذهنية ويحقق أداءً معرفياً أفضل، سواء في التعليم أو العمل أو الحياة اليومية.
الدماغ الذي يُحفّز باستمرار، هو دماغ لا يشيخ بسهولة
جامعة المستقبل الاولى في العراق