>>تأثير الجذور الحرة على صحة الانسان وعلاقتها بالتمارين الرياضية<<
أصبحنا نسمع عن الجذور الحرة مرتبطة بأخطر الأمراض وبعلامات الشيخوخة تساقط الشعر, ضعف البصر, تجاعيد البشرة....الخ)، لكن قلّما ما يتم شرح هذه العلاقة تماما، إليك هذا التوضيح حول الجذور الحرة
الجذور الحرة عبارة عن جزيئات تنتج عن تفكك الأوكسجين أثناء عملية التمثيل الغذائي. فكل منا ينتج باستمرار جذورا حرة طوال حياته. ذرات الجذور الحرة هي مركبات كيمائية ذات فعالية عالية لأنها فاقدة احدى الكتروناتها أي أصبحت احادي الألكترون أو وحيدة التكافؤ وهذا يجعلها تتحرك بنشاط عالي لمحاولة استعادة الكترونها المفقود من مركبات الجسم الاخرى وتظل تبحث بشكل جنوني عن الكترونها المفقود فتدمر كل شيء في الخلية حتى تجده فتستقر وتهدأ لذلك تبقى شوارد الأوكسجين تتحرك في جميع الاتجاهات فتصطدم بجدار الخلية أكثر من عشرة الآف مرة فتكسر الحاجز الواقي الذي يحيط بالخلية ومنها غشاء الخلية فتظل الخلية غير مسيطرة على دخول وخروج المواد فتفقد الخلية وظائفها الطبيعية ، تكمن خطورة الإجهاد التأكسدي في أن تصل ذرات الأكسجين الحرة إلى المادة الوراثية الموجودة في الخلايا (DNA) فتؤثر على مبناها وتحدث طفرة في الخلية لتتحول بدورها لخلايا مريضة أو خلايا خبيثة سرطانية.
ونظرا لأن القيام بالتمارين الرياضية يتطلب حرق المزيد من الأكسجين من اجل الحصول على الطاقة اللازمة للأداء حيث تزداد حاجة العضلات لاستهلاك الاوكسجين عند اداء التدريب البدني بزياده تقدر 10-20 مره اكثر من وقت الراحة وعلى مستوى العضلة الواحدة يزيد استهلاك الاوكسجين اكثر من 200 مره وهذه الزيادة يصاحبها زياده كبيره جدا للتمثيل الغذائي لإمداد العضلات العاملة بالطاقة التي يتم الحصول عليها عن طريق عملية الأكسدة والتمثيل الغذائي الذي يحدث داخل الخلايا في الميتاكوندريا مما يؤدي الى زيادة الشوارد الحرة كمخلفات الاوكسجين فاقد الالكترون.
اذا ماهي الطريقة التي نتمكن من خلالها التخلص من خطورة الجذور الحرة او الحد من تأثيراتها السلبية في اتلاف خلايا الجسم السليمة؟؟
والجواب هنا لا يمكن للجذور الحر ان تحد من فاعليتها او نشاطها الا عن طريق توفر مضادات الأكسدة التي تعمل على تحقيق التوازن بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة في الخلية وتحافظ على الخلية من التلف. مضادات الاكسدة هي مواد كيميائية تقلل أو تمنع اثار الجذور الحرة، إذ أنها قابلة للتبرع بإلكترون منها دون أن تتحول إلى جذر حر قابل للتفاعل، هذا الأمر يجعلها تعطي الكترونا للجذر الحر فيتوقف عن التفاعل لذا تعد بمثابة حائط الصد الاول والنظام الدفاعي للجسم ضد هجوم الجذور الحرة.
يمكن الحصول على مضادات الاكسدة من مصدرين رئيسيين هما:
مضادات تصنع داخل الجسم (مضادات الأكسدة الذاتية) وهي عبارة عن أنزيمات تصنع داخل جسم الفرد تقوم بإبطال عمل الجذور الحرة من خلال عملها كعوامل اختزالية وتشمل انزيم سوبر اوكسايد دسيموتيز (Dos), انزيم الكالتاليز( CAT), انزيم الكموتاثيون( GSH).
إما المصدر الثاني فهو الغذاء ويشمل فيتامين( C) وفيتامين E)) وفيتامين ((A والسيمينيوم. اما العوامل التي تسرع إنتاج الجذور الحرة وهي التقدم بالعمر, الكحول, التدخين, الأطعمة المقلية, وكذلك التعرض للمواد الكيميائية السامة كالمبيدات حشرية ومواد التنظيف قوية.
التساؤل الاهم هنا هل يجب على الرياضين تناول مكملات مضادات الاكسدة ام لا؟؟؟
في الواقع اختلفت الدراسات بين مؤيد ورافض ففي احدى الدراسات التي قام بها مجموعة من الباحثين من جامعة فالنسيا في إسبانيا وجامعة ويسكونسين في ماديسون بحثا ماذا قد يحدث إذا حاولت منع العضلات التي تمارس التمارين الرياضية من إنتاج الجذور الحرة. ومن اجل تحقيق ذلك عملوا تجاربهم على مجموعتين من الفئران الاولى تم حقنها بمادة دوائية مضادة للأكسدة قوية المفعول تعمل في الجسم على وقف إنتاج الجذور الحرة والمجموعة الثانية لم تحقن بمضاد الاكسدة وجعلوا فئران التجارب تجري على أجهزة جري صغيرة حتى أصابها الإرهاق بعد ذلك تم قياس مستويات عدد من المواد في عضلات سيقانها وكانت نتيجة الفئران التي تعرضت للحقن لم يظهر فيها تقريبا أي نشاط للجذور الحرة على عكس المجموعة الثانية التي اظهرت مستويات عالية من نشاط الجذور الحرة ولكن في الوقت ذاته، كانت تجري فيها تفاعلات بيولوجية كيميائية ترفع بدورها من مستوى الإنزيمات المهمة المرتبطة بدفاع الخلية والتأقلم على التمرين هذه التفاعلات لم تكن موجودة في المجموعة التي حقنت بمضادات الاكسدة مما دفع العلماء التوصل الى ان الجذور الحرة تطلق الضوء الاخضر للعضلات للبدء لعملية تسمح لها بمرور الوقت بالتأقلم على التمارين الرياضية وان عملية قمع إنتاج الجذور الحرة تمنع العضلات من هذه القدرة ولنتيجة هذه الدراسة جعلت العلماء يفكرون في إعادة تقييم فكرة تناول مضادات الأكسدة للحد من اضرار الجذور الحرة التي من المفترض أن تسببها ممارسة الرياضة.
لذلك يفضل الاعتماد على المواد الغذائية للحصول مضادات الأكسدة كونها تؤثر بشكل أفضل على صحة الجسم وذلك لأنها تعمل بشكل متجانس مع بعضها, لذا يفضل اختيار مصادر غذائية غنية بمضادات أكسدة أفضل من تناولها عن طريق المكملات الغذائية. في الحالات التي يضطر فيها الرياضي على تناول مضادات اكسدة نتيجة لأسباب معينة يجب ان تكون الجرعات المتناولة تحت اشراف مختص لان الإفراط في تناول مضادات الأكسدة يؤدي إلى تأثير ضار وأعراض سمية على الجسم وبالتالي فهي تصبح محفز للإجهاد التأكسدي أيضاً.
بالإضافة الى ذلك مراعاة نوع النشاط الرياضي الممارس وحجم وشدة اداء التدريبات الرياضية والسبب في ذلك ان مستويات الجذور الحرة تختلف حسب النشاط الرياضي الممارس ففي احدى البحوث التي اجريتها على مجموعة من الرياضين الممارسين لكره القدم ومجموعه اخرى يمارسون كمال الاجسام وقياس مستويات الجذور الحرة لديهم بعد ادائهم للوحدة التدريبية كانت النتائج تشير الى تباين في مستويات الجذور الحرة تبعا لاختلاف الفعالية الممارسة وكذلك تباين في نفس اعضاء اللعبة الواحدة نتيجة اختلافهم بحجم وشدة التمرين.
في الختام هناك الكثير من الدراسات التي تشير لعدم وجود الحاجة إلى مضادات الأكسدة حتى في حالة ممارسة التمارين القاسية والاعتماد على تناول غذاء جيد يوفر ما يحتاجه الجسم من مضادات الاكسدة وترك الجسم يتأقلم مع النشاط الممارس الامر الذي لا يحدث في حالة تناول مضادات الاكسدة.
يقول لي جين، أستاذ علم وظائف الأعضاء وعلم التغذية في جامعة ويسكونسن وأحد المشاركين في بحث الفئران «إن الجسم يعرف كيف يستجيب» لضغوط مثل الجري المرهق، من دون الحاجة إلى تناول أقراص مضادة للأكسدة.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق
https://www.uomus.edu.iq/