أ.م.د نصيف جاسم محمد الكرعاوي
جامعة المستقبل– كلية القانون
من الثابت ان كل علاقة قانونية بين الافراد تشتمل على ثلاثة عناصر هي (الاشخاص، الموضوع، السبب) وهذه العناصر عندما تكون جميعها وطنية ويحدث تنازع بين اطرافها كما لو تزوج عراقي امرأة عراقية في بلدهم العراق وثار نزاع بينهما ادى الى الطلاق بينهما فأن اثار الزواج تخضع لقانون الزوج وقت الطلاق وهو القانون العراقي لأنها تتصل به بكل عناصرها فإنها تخضع للقانون الوطني الذي يحكم في مسألة النزاع الذي حدث بينهم، وهذا يعني اننا لا نكون امام تنازع في القوانين، أما اذا كان احد عناصر تلك العلاقة أجنبيا كما لو تزوج عراقي من امرأة لبنانية في تركيا، ففي مثل هذه الحالة نجد ان تلك العلاقة تتصل بأكثر من قانون في دول معينة (كالقانون العراقي باعتبار الزوج عراقي والقانون اللبناني كون الزوجة لبنانية والقانون التركي كون محل ابرام عقد الزواج في تركيا) وعندما يحدث نزاع بين الزوجين فنكون امام مشكلة تنازع يصطلح عليها تنازع القوانين تتنازع فيما بينها لتحكم في تلك المسألة كونها ذات طابع دولي وليس وطني، لذلك فأن التنازع يعني وجود قانونين او اكثر كل منها قابل للتطبيق على تلك العلاقة القانونية التي نشأت بين الزوجين، مما يستلزم معرفة انسب القوانين التي يجب ان تخضع له تلك العلاقة ذات العنصر الاجنبي، وفضلا عن الصفة الاجنبية التي تضمنتها تلك العلاقة، واختلاف القوانين التي تحكمها، لابد ان يتسامح المشرع بتطبيق القانون الاجنبي الواجب التطبيق على تلك العلاقة ، لذلك وفقا لما تقدم يتبين لنا معنى تنازع القوانين والشروط الواجب توافرها حتى يتحقق هذا التنازع بين قوانين الدول، فاذا ما تحققت تلك الشروط يمكن للقاضي الوطني ان ينهض بمهمته القضائية لحل تلك المسألة التي تتضمن عنصرا اجنبيا من خلال تطبيق قواعد الاسناد التي اشار لها المشرع العراقي في المواد من 17 ـ 33 من القانون المدني العراقي النافذ رقم 40 لسنة 1951، وهي قواعد وطنية توجيهية او ارشادية حيادية من وضع المشرع الوطني يراعي بوضعها الخصوصية الوطنية للدولة ، ويراعي ايضا المعايير الدولية ذات الصلة السائدة دوليا، تؤدي غرضا مزدوجا كونها قواعد حل غير مباشر ترشد القاضي لتطبيق القانون الواجب التطبيق في المسألة المعروضة امامه، لحسم النزاع وفقا للقانون الوطني وتجيز له ان يطبق القانون الاجنبي لحل المسألة المعروضة امامه بعد تكييفها و تحديد طبيعة تلك العلاقة، ومثال ذلك يكون الحكم على اهلية الشخص وفقا لقانون جنسيته، فاذا كان هذا الشخص عراقي يخضع للقانون العراقي، واذا كان اجنبيا فأنه يخضع للقانون الاجنبي، وهذا ما يميز تلك القواعد عن النوع الثاني من القواعد القانونية وهي (القواعد الموضوعية) التي يكون مصدرها وطني ايضا وهو التشريع، او دولي يتمثل بالمعاهدات و القرارات القضائية الدولية، وتوصف بأنها قواعد مفردة الجانب لأنها تعطي حلا مباشرا للمسألة المعروضة، وتجدر الاشارة بأن المسائل التي يدخل في نطاقها تنازع القوانين تتمثل في خمسة فئات هي مسائل الاحوال الشخصية (كالأهلية والزواج والطلاق والنفقة والنسب والميراث والوصية ) والمسائل العينية ( التي تتمثل بالتصرفات المالية المتعلقة بالعقار والمنقول، والمسائل العقدية وكل ما يتعلق بالعقود، والمسائل غير العقدية كالأفعال النافعة والضارة و مسائل الشكل التي تتمثل بمحل نشوء التصرف). وعليه فإن التنازع يحصل بين القوانين عندما تكون العلاقة القانونية مشوبة بعنصر اجنبي او ذات طابع دولي لاختيار القانون الانسب الذي تخضع له تلك العلاقة في حالة التنازع الدولي من حيث الاختصاص التشريعي.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى على الجامعات الاهلية والحكومية في العراق