مقالة بعنوان المسؤولية الجزائية للمرشح عن الضغط على إرادة الناخبين عبر الوعود تاريخ الخبر: 06/10/2025 | المشاهدات: 53

مشاركة الخبر :

تُعدّ الانتخابات إحدى الركائز الأساسية للنظام الديمقراطي، إذ تمثل الأداة الحقيقية للتعبير عن الإرادة الشعبية. غير أن هذه الإرادة كثيرًا ما تتعرض للتشويه عبر وسائل غير مشروعة، منها الضغط على الناخبين بالوعود. هذا السلوك يُضعف الثقة بالعملية الانتخابية، ويُعد من صور الغش التي تستوجب تدخل المشرّع لحمايتها بعقوبات جنائية رادعة.
الوعود التي يطلقها المرشح، وهو يعلم بعدم قدرته على تنفيذها، تدخل في إطار التأثير غير المشروع على حرية الناخب. فهي لا تقل خطورة عن شراء الأصوات أو ممارسة الإكراه. بل إن خطورتها تكمن في صعوبة كشفها وإثباتها، لأنها غالبًا ما تتخذ طابعًا خطابياً أو دعائياً. غير أن عنصر العلم المسبق بعدم تنفيذها يميزها ويجعلها جريمة قائمة بذاتها، وليست مجرد مخالفة انتخابية عابرة.
نظم قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 سير العملية الانتخابية، وقد نص في بعض مواده على تجريم أفعال مثل شراء الأصوات أو التأثير على الناخبين أو الإكراه. ورغم أن النصوص لم تذكر صراحة "الوعود"، إلا أن المادة (32)) تجرّم التأثير على الناخب بطرق غير مشروعة، وهو ما يمكن تفسيره على أنه يشمل إطلاق وعود وهمية أو غير قابلة للتنفيذ بقصد تغيير إرادة الناخب.
ولتجاوز الإشكالية التفسيرية، نقترح إضافة مادة جديدة للقانون بالصياغة الآتية:
يُعدّ مرتكبًا لجريمة انتخابية كل مرشح تعمّد التأثير على إرادة الناخبين من خلال إطلاق وعود يعلم مسبقًا عدم قابليتها للتحقيق أو تنفيذها، ويُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن (5,000,000) خمسة ملايين دينار عراقي، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع إمكانية إبطال نتائج فوزه الانتخابي.
يتضح أن مواجهة ظاهرة الوعود الكاذبة ضرورة لحماية حرية الناخب وصيانة مبدأ النزاهة الانتخابية. ورغم أن القانون العراقي يوفر مظلة عامة لتجريم التأثير على الناخب، إلا أن إدراج نص صريح يُجرّم الوعود كفعل مستقل، من شأنه أن يُحكم الرقابة على الحملات الانتخابية، ويعزز ثقة المواطن بالعملية الديمقراطية. وبذلك، تصبح المسؤولية الجزائية وسيلة ردع حقيقية ضد أي محاولة للعبث بإرادة الشعب.

م.د. علي جاسم محمد السعدي
كلية القانون

جامعة المستقبل الاولى على الجامعات الاهلية في العراق

خبر موصى به ( إضغط هنا )