تعد ضمانات المتهم من المبادئ الأساسية في النظم القانونية الحديثة، حيث تهدف إلى تحقيق العدالة الجنائية وضمان عدم التعسف في استخدام السلطة. وقد كفل التشريع العراقي العديد من الضمانات للمتهم، والتي تتوافق في جوانب كثيرة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، إلا أن هناك بعض التحديات التي تستدعي المراجعة والتطوير.
أولًا: الضمانات في التشريع العراقي:
يكفل الدستور العراقي لعام 2005م، إلى جانب قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971م، عدة ضمانات للمتهم، من أبرزها:
1. قرينة البراءة: تنص المادة (19_خامسًا) من الدستور العراقي على أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة"، وهو ما يتوافق مع المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
2. الحق في الدفاع: تنص المادة (19_ رابعا وحادي عشر) يضمن القانون حق المتهم في تعيين محامٍ للدفاع عنه، كما يوجب على الدولة توفير محامٍ للمتهمين غير القادرين ماديًا، وهو ما تنص عليه المادة (123و144) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
3. عدم التعرض للتعذيب: تحظر المادة (37_ ج) من الدستور العراقي جميع أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية، وتعتبر أي اعتراف ينتزع بالإكراه باطلًا قانونيًا.
4. الحق في محاكمة عادلة: يشمل ذلك علنية المحاكمة، وسرعة البت في القضايا، واحترام حقوق الدفاع، وفقًا للمادتين (19) و(87) من الدستور.
ثانيًا: المقارنة مع معايير حقوق الإنسان:
تتوافق الضمانات التي يوفرها التشريع العراقي مع العديد من المواثيق الدولية، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يؤكد في المادة (14) على ضرورة توفير محاكمة عادلة ومنصفة لكل متهم.
ومع ذلك، هناك بعض الفجوات، مثل: استمرار بعض الممارسات التي تنتهك حقوق المتهم، كإطالة فترة التوقيف دون محاكمة، أو عدم تنفيذ الحظر المطلق للتعذيب بفعالية. والحاجة إلى إصلاحات قانونية لضمان استقلال القضاء وسرعة الإجراءات، بما يحد من حالات الاحتجاز التعسفي.
الخاتمة:
رغم أن التشريع العراقي يحتوي على ضمانات قانونية قوية لحماية المتهم، إلا أن التطبيق الفعلي لها يحتاج إلى تعزيز، لا سيما في ظل الالتزامات الدولية للعراق في مجال حقوق الإنسان. وعليه، فإن تطوير النظام القضائي وتحقيق استقلاله، إلى جانب رفع الوعي القانوني، يمثلان خطوات ضرورية لضمان تحقيق العدالة وحماية الحقوق الأساسية لكل فرد.
د. علي جاسم محمد السعدي
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق