انت الان في كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة

مقالة علمية بعنوان النمو والتطور البدني و الحركي للمرحلة العمرية 30- 45سنة للتدريسي م.م.محمود سعيد حسين تاريخ الخبر: 07/07/2025 | المشاهدات: 373

مشاركة الخبر :

النمو والتطور البدني و الحركي للمرحلة العمرية 30- 45سنة

تتناول هذه الورقة العلمية إشكالية جوهرية في علوم الحركة والطب الرياضي تتعلق بتسلسل التدهور الوظيفي للصفات البدنية والحركية لدى الأفراد في المرحلة العمرية (30–45 سنة). من خلال تحليل بيولوجي، فسيولوجي، ونفسي حركي، تُستعرض وجهتا النظر المختلفتين حول ما إذا كان الانخفاض في الصفات البدنية يسبق الصفات الحركية أو العكس، مع تقديم رؤية تكاملية تعتمد على السياق الفردي والنمط الحياتي.
المقدمة:
يمثل العقد الرابع من العمر نقطة تحول حيوية في مسار النمو الحركي والوظيفي للإنسان. إذ تبدأ العديد من الأنظمة الحيوية بالتراجع التدريجي، الأمر الذي يؤثر على الأداء العام. ويثور هنا سؤال محوري: هل تبدأ علامات التراجع في المكونات البنيوية للقدرات البدنية، أم في الكفاءة الوظيفية للصفات الحركية؟
أولاً: وجهة النظر الأولى – البدنية أولاً:
ترى هذه المدرسة أن الصفات البدنية، وخاصة القوة العضلية والتحمل، تبدأ بالتراجع مباشرة بعد سن الثلاثين. إذ تشير الأدبيات إلى انخفاض تدريجي في الكتلة العضلية (Sarcopenia) بنسبة 3–8% لكل عقد، وانخفاض في VO₂ Max بمعدل 1% سنوياً. كما أن التغيرات الهرمونية (انخفاض التستوستيرون والإستروجين) تسهم في فقدان الكتلة العضلية وزيادة الدهون الحشوية، ما يؤدي إلى اختلال مباشر في الأساس البنيوي الذي تُبنى عليه الصفات الحركية.
ثانياً: وجهة النظر الثانية – الحركية أولاً:
من ناحية أخرى، تؤكد وجهة النظر الحركية أن المهارات الحركية المعقدة، كالتوازن والتناسق، تعتمد على تكامل عصبي-عضلي دقيق. وتبدأ مظاهر التراجع في هذه الصفات عند تعرض الجهاز العصبي المركزي لتباطؤ في التوصيل، وتراجع في الألياف الحركية السريعة (Fast-Twitch Fibers). كما أن الضغوط النفسية ونمط الحياة العصري (قلة النوم، العمل المكتبي) تؤثر بشكل ملحوظ على الأداء الحركي قبل أن تظهر مؤشرات واضحة لانخفاض القوة أو التحمل.



ثالثاً: تحليل مقارن بين المدرستين:
وجهة النظر البيولوجية تتسم بقياس كمّي واضح (قوة، تحمل، مرونة)، وتستند إلى تغيّرات خلوية وهرمونية. في حين أن وجهة النظر الحركية تعتمد على ملاحظات وظيفية تتعلق بالأداء المعقد والتنسيق. كلتا المدرستين متفقتان على وجود تداخل سببي، ولكن تختلفان في التسلسل الزمني للتدهور.
رابعاً: الرؤية التكاملية:
تطرح الأدلة الحديثة منظورًا تكامليًا مفاده أن التدهور البدني والحركي يسيران في خطين متوازيين متداخلين، لكن نقطة البداية تختلف باختلاف طبيعة حياة الفرد. فالشخص غير النشط بدنيًا يعاني أولًا من تدهور بدني يُفضي لاحقًا إلى قصور حركي، بينما يظهر لدى الفرد المجهد نفسيًا أو الذي يعتمد على عمل مكتبي تراجع حركي أولًا.
الخاتمة:
إن محاولة الفصل القاطع بين البداية الزمنية لانخفاض الصفات البدنية والحركية أمر غير دقيق علميًا. فالجسم نظام متكامل، وإذا اختل أحد مكوناته انعكس ذلك على الباقي. لذا، يُوصى باعتماد منهج تدريبي وتربوي شامل يتناول الجوانب البدنية، الحركية، النفسية، والاجتماعية ككل غير قابل للتجزئة.


Al-Mustaqbal University