انت الان في كلية العلوم الادارية

مقالة بعنوان (نحو اقتصاد دائري) تاريخ الخبر: 14/02/2025 | المشاهدات: 773

مشاركة الخبر :

نحو اقتصاد دائري: دور الاستهلاك والإنتاج المسؤولين في دعم فرص العمل اللائق
بقلم: أ. د حيدر علي الدليمي
كلية العلوم الادارية - جامعة المستقبل
13/2/2025
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، برز مفهوم الاقتصاد الدائري كحل مستدام لتعزيز النمو الاقتصادي مع تقليل استنزاف الموارد الطبيعية. يهدف الاقتصاد الدائري إلى تقليل الفاقد، وإعادة التدوير، وتحقيق الاستفادة القصوى من المواد والمنتجات طوال دورة حياتها. في هذا السياق، يلعب الاستهلاك والإنتاج المسؤولان دورًا محوريًا في تحقيق فرص العمل اللائق، حيث يسهمان في خلق وظائف مستدامة، وتحفيز الابتكار، وتعزيز العدالة الاجتماعية.
مفهوم الاقتصاد الدائري:
الاقتصاد الدائري هو نظام اقتصادي يهدف إلى تقليل الهدر والاستفادة من الموارد بشكل أكثر كفاءة من خلال إعادة الاستخدام، والتدوير، والإصلاح، بدلاً من نموذج الاقتصاد الخطي التقليدي القائم على (الإنتاج – الاستهلاك – التخلص). يسعى هذا النموذج إلى خلق قيمة اقتصادية واجتماعية عبر تقليل التلوث، وخفض التكاليف، وتحقيق استدامة طويلة الأمد في مختلف القطاعات.
الاستهلاك والإنتاج المسؤولان: محرك أساسي للاقتصاد الدائري
يعتمد تحقيق الاقتصاد الدائري على التحول نحو أنماط استهلاك وإنتاج مسؤولة، وهو ما يعكس الهدف الثاني عشر من أهداف التنمية المستدامة، لذا يمكن تلخيص دور الاستهلاك والإنتاج المسؤولين فيما يلي:
1) تحسين كفاءة استخدام الموارد: من خلال تقليل الهدر وزيادة العمر الافتراضي للمنتجات عبر إعادة الاستخدام والإصلاح.
2) تعزيز الابتكار والتكنولوجيا الخضراء: إذ تدفع الممارسات المستدامة الشركات نحو تبني تقنيات صديقة للبيئة مثل الطاقة المتجددة والمواد القابلة للتحلل.
3) دعم ريادة الأعمال المستدامة: يشجع الاقتصاد الدائري على ظهور شركات ناشئة تقدم حلولًا مبتكرة في مجالات إعادة التدوير وتصميم المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام.
4) رفع وعي المستهلك: يساهم الاستهلاك المسؤول في تحفيز الشركات نحو تبني ممارسات إنتاجية أكثر استدامة، مما يخلق بيئة اقتصادية أكثر توازناً.
دور الاقتصاد الدائري في خلق فرص العمل اللائق:
يرتبط الاقتصاد الدائري بشكل مباشر بتوفير فرص العمل اللائق، وهو أحد أهداف التنمية المستدامة (الهدف الثامن). ويمكن تلخيص تأثيره فيما يلي:
1- خلق وظائف جديدة في قطاعات مستدامة: مثل الصناعات القائمة على إعادة التدوير، والصيانة، وإعادة التصنيع، مما يؤدي إلى توسيع سوق العمل.
2 - تحسين جودة الوظائف: يدعم التحول إلى نماذج إنتاج أكثر استدامة، ظروف عمل أكثر أمانًا، مع تقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالصناعات التقليدية.
3 - تعزيز المهارات الخضراء: يدفع الاقتصاد الدائري نحو تطوير مهارات جديدة للعمال، مثل إدارة الموارد المستدامة، والهندسة البيئية، وتقنيات إعادة التدوير.
4 - تحقيق عدالة اجتماعية أكبر: من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاقتصاد المحلي، وتعزيز فرص العمل في المجتمعات الفقيرة والمهمشة.
تحديات التحول نحو الاقتصاد الدائري
على الرغم من الفوائد العديدة للاقتصاد الدائري، إلا أن هناك تحديات تواجه عملية التحول، منها:
أولا: نقص الوعي والسياسات الداعمة: تحتاج الحكومات إلى وضع سياسات تحفيزية لتشجيع الشركات والمستهلكين على تبني ممارسات مستدامة.
ثانيا: ارتفاع التكلفة الأولية: تتطلب بعض ممارسات الإنتاج المسؤول استثمارات أولية مرتفعة، مما قد يعيق تطبيقها على نطاق واسع.
ثالثا: الحاجة إلى تغيير ثقافة المستهلكين: يعتمد نجاح الاقتصاد الدائري على تغيير أنماط الاستهلاك، وهو ما يتطلب جهودًا توعوية مكثفة.
توصيات لتعزيز التكامل بين الاقتصاد الدائري والعمل اللائق
لتحقيق التكامل بين الاقتصاد الدائري والعمل اللائق، يمكن تبني عدد من السياسات والممارسات، منها:
1. وضع حوافز ضريبية وتشريعية لدعم الشركات التي تتبنى ممارسات الإنتاج المسؤول.
2. تعزيز التعليم والتدريب في مجالات الاستدامة والاقتصاد الأخضر لتمكين القوى العاملة من اكتساب المهارات اللازمة.
3. دعم الابتكار والاستثمار في التقنيات الصديقة للبيئة لتحفيز الاقتصاد الدائري.
4. إطلاق حملات توعية لتعزيز مفهوم الاستهلاك المسؤول وتشجيع الأفراد على تبني سلوكيات مستدامة.
خاتمة: يمثل الاقتصاد الدائري فرصة حقيقية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام مع توفير فرص عمل لائق وتحقيق عدالة اجتماعية وبيئية. يتطلب التحول نحو هذا النموذج الاقتصادي تضافر جهود الحكومات، والشركات، والمجتمع المدني، والمستهلكين لضمان تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد الطبيعية، مما يسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.
الجامعة الأولى في العراق.