المواطنة التنظيمية: مفهومها وأهميتها في بيئة العمل
م.م. ضحى خالد خلف
جامعة المستقبل- كلية العلوم الإدارية
مقدمة
تعد المواطنة التنظيمية من المفاهيم الحديثة في علم الإدارة، وهي تشير إلى مجموعة من السلوكيات الطوعية التي يقوم بها الموظفون داخل المنظمة، والتي تتجاوز المهام الرسمية الموكلة إليهم. تسهم هذه السلوكيات في تحسين أداء المنظمة وتعزيز بيئة العمل الإيجابية، مما يؤدي إلى تحقيق الأهداف التنظيمية بكفاءة أعلى.
مفهوم المواطنة التنظيمية
المواطنة التنظيمية (Organizational Citizenship) هي تصرفات الموظفين الإيجابية والطوعية التي لا تندرج ضمن نطاق واجباتهم الوظيفية الرسمية ولكنها تؤثر إيجابيًا على أداء المنظمة. وتُعرف أيضًا بأنها “السلوكيات غير المطلوبة رسميًا ولكنها تساعد في تحسين الفعالية التنظيمية”.
ظهر هذا المفهوم لأول مرة على يد العالم دينيس أورغان (Dennis Organ) في ثمانينيات القرن الماضي، حيث أشار إلى أن المواطنة التنظيمية تشمل سلوكيات مثل التعاون بين الموظفين، المبادرة الشخصية، مساعدة الزملاء، والالتزام بالأنظمة والقيم التنظيمية دون فرض مباشر من الإدارة.
أهمية المواطنة التنظيمية في بيئة العمل
تلعب المواطنة التنظيمية دورًا أساسيًا في تحسين بيئة العمل من خلال:
1. زيادة الإنتاجية: عندما يبادر الموظفون بالمساعدة والتعاون، يتحسن الأداء العام للمنظمة.
2. تحسين العلاقات الوظيفية: تعزز السلوكيات الإيجابية التفاهم بين الموظفين، مما يقلل من النزاعات الداخلية.
3. تعزيز الولاء التنظيمي: الموظفون الذين يمارسون سلوكيات المواطنة التنظيمية يكونون أكثر التزامًا وولاءً لمؤسساتهم.
4. خلق بيئة عمل إيجابية: تساهم هذه السلوكيات في بناء بيئة تحفيزية تدفع الموظفين للعطاء بشكل أكبر.
5. تقليل معدل دوران الموظفين: عندما يشعر الموظف بالتقدير والانتماء، تقل رغبته في البحث عن فرص عمل أخرى.
أبعاد المواطنة التنظيمية
حدد الباحثون عدة أبعاد لسلوك المواطنة التنظيمية، ومن أبرزها:
1. الإيثار (Altruism): تقديم المساعدة والدعم للزملاء دون انتظار مقابل.
2. الضمير الحي (Conscientiousness): التزام الموظف بمعايير العمل، مثل الالتزام بالمواعيد والتفاني في الأداء.
3. المجاملة (Courtesy): التعامل باحترام مع الزملاء والإدارة لتجنب النزاعات.
4. الروح الرياضية (Sportsmanship): تقبل الظروف الصعبة أو المشكلات دون تذمر، والمساهمة في حلها بروح إيجابية.
5. السلوك المدني (Civic Virtue): المشاركة الفعالة في أنشطة المنظمة، مثل حضور الاجتماعات التطوعية والاهتمام بالقضايا المؤسسية.
العوامل المؤثرة في المواطنة التنظيمية
تتأثر سلوكيات المواطنة التنظيمية بعدة عوامل، منها:
1. القيادة الإدارية: الأسلوب الإداري للقادة يؤثر على مستوى المواطنة التنظيمية؛ فالإدارة العادلة والتحفيزية تعزز هذه السلوكيات.
2. الرضا الوظيفي: الموظف الذي يشعر بالرضا عن عمله يكون أكثر استعدادًا لممارسة سلوكيات المواطنة التنظيمية.
3. الثقافة التنظيمية: بيئة العمل التي تعزز التعاون والمشاركة تحفز الموظفين على التصرف بروح المواطنة التنظيمية.
4. العدالة التنظيمية: الشعور بالعدالة في توزيع المهام والمكافآت يؤثر على رغبة الموظفين في تقديم جهود إضافية.
5. الدافعية الداخلية: الموظفون الذين يمتلكون دافعًا داخليًا للعمل أكثر ميلًا لممارسة سلوكيات المواطنة التنظيمية.
تحديات المواطنة التنظيمية
رغم فوائد المواطنة التنظيمية، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه تطبيقها، منها:
1. الاستغلال الوظيفي: قد تلجأ بعض الإدارات إلى استغلال الموظفين الذين يمارسون سلوكيات المواطنة التنظيمية دون تقديم حوافز مناسبة.
2. الإرهاق الوظيفي: قد يؤدي الانخراط الزائد في السلوكيات الطوعية إلى زيادة الضغط والإجهاد الوظيفي.
3. غياب التقدير: إذا لم يتم تقدير جهود الموظفين الإضافية، فقد يشعرون بالإحباط ويفقدون الحافز لممارسة هذه السلوكيات.
4. عدم وضوح التوقعات: في بعض الأحيان، لا يكون هناك معايير واضحة لقياس المواطنة التنظيمية، مما يؤدي إلى سوء الفهم بشأن قيمتها وأهميتها.
كيفية تعزيز المواطنة التنظيمية في المؤسسات
يمكن للمنظمات تعزيز المواطنة التنظيمية من خلال عدة استراتيجيات، منها:
1. تشجيع القيادة التحفيزية: القادة الذين يقدمون الدعم والتوجيه للموظفين يسهمون في تعزيز هذه السلوكيات.
2. تعزيز بيئة عمل إيجابية: خلق بيئة عمل قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.
3. تقدير الموظفين: تقديم المكافآت والتقدير للموظفين الذين يظهرون سلوكيات المواطنة التنظيمية.
4. تنمية ثقافة التعاون: تعزيز روح الفريق والتعاون بين الموظفين.
5. توفير فرص للتطوير المهني: تشجيع الموظفين على تطوير مهاراتهم يرفع من مستوى التزامهم تجاه المنظمة.
خاتمة
المواطنة التنظيمية هي عنصر أساسي في نجاح أي منظمة، حيث تساعد في تحسين الأداء العام، وتعزز بيئة العمل الإيجابية، وتزيد من ولاء الموظفين، لذا، فإن تعزيز هذه السلوكيات يتطلب جهودًا مشتركة من الإدارة والموظفين لضمان تحقيق أقصى فائدة للمنظمة والأفراد على حد سواء.
جامعة المستقبل الجامعة الأولى في العراق.