انت الان في كلية العلوم الادارية

من الفقر إلى الرفاه: تكامل أهداف القضاء على الفقر، الأمن الغذائي، النمو الاقتصادي، والاستهلاك المسؤول تاريخ الخبر: 29/06/2025 | المشاهدات: 424

مشاركة الخبر :

أ.د حيدر علي الدليميّ
كلية العلوم الإدارية – جامعة المستقبل
يشكل تحقيق التنمية المستدامة تحديًا عالميًا يتطلب تنسيقًا وتكاملاً بين مختلف أهدافها، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالقضاء على الفقر، وضمان الأمن الغذائي، وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتشجيع أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة. فهذه الأهداف الأربعة – وهي الهدف الأول (القضاء على الفقر)، الهدف الثاني (القضاء التام على الجوع)، الهدف الثامن (العمل اللائق ونمو الاقتصاد)، والهدف الثاني عشر (الاستهلاك والإنتاج المسؤولان) – تمثل محاور مترابطة لا يمكن تحقيق أحدها دون دعم الآخر.
القضاء على الفقر: حجر الأساس
يمثل الفقر بجميع أشكاله عقبة رئيسية أمام التنمية الشاملة. فالفقر لا يعني فقط غياب الدخل، بل يشمل الحرمان من الخدمات الأساسية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والمياه النظيفة، والسكن اللائق. وللقضاء على الفقر، لا بد من تمكين الأفراد اقتصاديًا وتعزيز قدراتهم الإنتاجية، وهو ما يستدعي إيجاد بيئة اقتصادية تتيح فرص العمل والدخل المستدام.
الأمن الغذائي: ضرورة إنسانية واقتصادية
يرتبط الأمن الغذائي ارتباطًا وثيقًا بالفقر، إذ يؤدي ضعف القدرة الشرائية إلى حرمان الأفراد من الغذاء الكافي. ويقود ذلك إلى مشاكل صحية تقلل من القدرة على العمل والتعلم، مما يعمّق دائرة الفقر. لذا، فإن تحسين الإنتاج الزراعي، وضمان عدالة توزيع الغذاء، ودعم صغار المزارعين، هي خطوات ضرورية لتحقيق هذا الهدف وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
النمو الاقتصادي والعمل اللائق: الطريق نحو الرفاه
إن تحقيق النمو الاقتصادي لا يكون مجديًا ما لم يكن شاملًا وعادلًا ويوفر فرص عمل لائقة للجميع. ومن خلال الاستثمار في التعليم والتدريب المهني، وتشجيع ريادة الأعمال، وتوفير بيئة أعمال مستقرة، يمكن توليد فرص عمل تساهم في خفض معدلات الفقر، وتحسين مستويات المعيشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
الاستهلاك والإنتاج المسؤولان: الضمان لاستدامة الموارد
لا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة دون مراجعة أنماط الاستهلاك والإنتاج. فالهدر في استخدام الموارد الطبيعية، والإفراط في الإنتاج دون اعتبار للآثار البيئية، يؤديان إلى استنزاف مقدرات الأجيال القادمة. وبالتالي، فإن تشجيع أنماط الاستهلاك الواعي، وتحسين كفاءة الموارد، واعتماد تقنيات نظيفة، هي خطوات ضرورية لضمان الاستدامة على المدى الطويل.
تكامل الأهداف: نهج شامل نحو المستقبل
إن هذه الأهداف لا تُنفذ بشكل منفصل، بل تتكامل في منظومة مترابطة. فالقضاء على الفقر يسهم في تحسين الأمن الغذائي، والنمو الاقتصادي يتيح فرص العمل والدخل، والاستهلاك المسؤول يحافظ على الموارد التي يعتمد عليها الإنتاج. ومن هنا، فإن اتباع سياسات تكاملية تأخذ بعين الاعتبار هذه الروابط، من شأنه أن يسرّع من وتيرة التنمية الشاملة والعادلة.
على اساس ما ذكرناه يمكننا القول : من الفقر إلى الرفاه، الطريق ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب إرادة سياسية، وتخطيطًا استراتيجيًا، وتعاونًا دوليًا ومحليًا، وإشراكًا حقيقيًا لجميع فئات المجتمع. وبدون دمج الأهداف المستدامة في رؤية تنموية موحدة، ستبقى الجهود مبعثرة والنتائج محدودة. إن العمل على تحقيق تكامل هذه الأهداف يمثل خطوة جوهرية نحو بناء مستقبل أكثر عدالة وكرامة وازدهارًا للجميع.
جامعة المستقبل الأولى على الجامعات الأهلية.