انت الان في كلية العلوم الادارية

نحو اقتصاد مستدام: تكامل العمل اللائق مع أنماط الاستهلاك والإنتاج المسؤول تاريخ الخبر: 27/09/2025 | المشاهدات: 217

مشاركة الخبر :

أ.د حيدر علي الدليميّ
كلية العلوم الادارية - جامعة المستقبل
تواجه المجتمعات اليوم تحدياً مزدوجاً يتمثل في ضرورة تحقيق النمو الاقتصادي من جهة، والحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها من جهة أخرى. وهنا يبرز البعد الحيوي للتنمية المستدامة عبر تكامل العمل اللائق (الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة) مع الاستهلاك والإنتاج المسؤولين (الهدف الثاني عشر).
العمل اللائق كركيزة للنمو الاقتصادي
يمثل العمل اللائق أحد المقومات الأساسية للنهوض بالمجتمعات، إذ يضمن للأفراد دخلاً عادلاً، وحماية اجتماعية، وظروف عمل إنسانية وآمنة. فالنمو الاقتصادي لا يمكن أن يكون مستداماً ما لم يترافق مع عدالة في توزيع الفرص، وتمكين للشباب والنساء، والحد من البطالة والفقر. من هنا، فإن تعزيز فرص العمل اللائق يسهم في بناء مجتمع أكثر استقراراً وإنتاجية.
الاستهلاك والإنتاج المسؤولان: وجه آخر للاستدامة
لا يقتصر مفهوم التنمية المستدامة على النمو الاقتصادي فحسب، بل يشمل أيضاً إعادة النظر في أنماط الاستهلاك والإنتاج. إذ إن أنماط الإنتاج المفرط والاستغلال المفرط للموارد أدت إلى أزمات بيئية عالمية مثل التغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، وتلوث البيئة. لذلك، فإن تبني استراتيجيات للإنتاج النظيف، وتشجيع إعادة التدوير، والحد من الهدر، يمثل خطوات جوهرية نحو اقتصاد أكثر توازناً يحترم البيئة وحقوق الأجيال القادمة.
التكامل بين الهدفين: طريق الاستدامة
إن تحقيق العمل اللائق والاستهلاك المسؤول ليس مسارين منفصلين، بل هما متلازمان. فالاقتصاد الذي يوفر فرص عمل عادلة دون مراعاة للبعد البيئي سيؤدي إلى استنزاف الموارد وانهيار طويل الأمد، في حين أن اقتصاداً يركز على البيئة دون الاهتمام بفرص العمل والعدالة الاجتماعية لن يكون مقبولاً مجتمعياً. ومن هنا، يصبح التكامل بين الهدفين ضرورة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تجمع بين العدالة الاجتماعية، والنمو الاقتصادي، والحفاظ على البيئة.
إن الطريق نحو اقتصاد مستدام يمر عبر موازنة دقيقة بين متطلبات السوق وحقوق الإنسان من جهة، وحماية البيئة والموارد الطبيعية من جهة أخرى. تكامل العمل اللائق مع أنماط الاستهلاك والإنتاج المسؤول يشكل حجر الأساس لبناء مستقبل أفضل، يضمن حياة كريمة للأجيال الحالية، ويحافظ على حق الأجيال القادمة في العيش في عالم أكثر عدلاً واستدامة.
جامعة المستقبل الأولى على الجامعات الأهلية.