انت الان في كلية التقنيات الصحية والطبية

مقالة للاستاذ احمد فؤاد الخزاعي بعنوان " التطور التكنولوجي في أجهزة التحليلات المرضية وانعكاسه على دقة النتائج" تاريخ الخبر: 20/08/2025 | المشاهدات: 739

مشاركة الخبر :

شهدت العقود الأخيرة ثورة علمية وتكنولوجية انعكست بشكل مباشر على مختلف جوانب العلوم الطبية، ‏وكان لتخصص تقنيات التحليلات المرضية نصيب مهم من هذا التطور. إذ لم تعد المختبرات الطبية تقتصر ‏على الوسائل التقليدية في إجراء الفحوصات، بل أصبحت تعتمد على أجهزة متقدمة وأنظمة دقيقة تمثل حجر ‏الأساس في الوصول إلى نتائج موثوقة تسهم في التشخيص المبكر وعلاج الأمراض بصورة فعالة‎.‎
أولاً: التحليل الآلي ودوره في تقليل الأخطاء
لقد أدى إدخال أنظمة التحليل الآلي‎ (Automation Systems) ‎إلى نقلة نوعية في عمل المختبرات، حيث ‏باتت الفحوصات تُجرى بصورة مؤتمتة تقلل من تدخل العامل البشري، وبالتالي تقل فرص حدوث الأخطاء ‏الناتجة عن التعب أو التقدير الشخصي. هذه الأنظمة لا توفر الوقت فحسب، بل تضمن أيضاً ثبات النتائج ‏ودقتها، مما يعزز ثقة الأطباء والمراجعين بالمخرجات المخبرية‎.‎
ثانياً: التقنيات الجزيئية وأثرها في التشخيص المبكر
أحدثت تقنيات التحليل الجزيئي‎ (Molecular Diagnostics) ‎تحولاً عميقاً في قدرة المختبرات على الكشف ‏عن الأمراض. إذ أصبح من الممكن تشخيص الأمراض الوراثية والانتقالية بدقة عالية من خلال تحليل ‏الحمض النووي والحمض النووي الريبي. هذه القدرة على التشخيص المبكر تمثل فرصة حقيقية للسيطرة ‏على مسار المرض، ومنح المريض خيارات علاجية أفضل قبل تفاقم حالته الصحية


ثالثاً: الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات
من التطورات اللافتة أيضاً هو دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي‎ (AI) ‎في مجال التحليلات المرضية. فقد ‏ساعدت خوارزميات التعلم الآلي على تفسير نتائج الفحوصات بشكل أسرع وأكثر دقة، وربطها بالسجل ‏الطبي الإلكتروني للمريض. هذا التكامل بين النتائج المخبرية والمعطيات السريرية أسهم في تعزيز مفهوم ‏الطب الشخصي‎ (Personalized Medicine)‎، والذي يتيح تقديم علاج مخصص يتناسب مع الحالة ‏الفردية لكل مريض‎.‎
رابعاً: الجودة والاعتماد الدولي
لم تعد المختبرات الطبية تقاس فقط بقدرتها على إنجاز الفحوصات، بل أصبحت معايير الجودة والاعتماد ‏جزءاً أساسياً من عملها. وقد ساعد التطور التكنولوجي على تطبيق برامج ضبط الجودة الداخلية والخارجية ‏بصورة دقيقة، وهو ما منح المختبرات فرصاً أوسع للحصول على الاعتماد الدولي وضمان موثوقية خدماتها ‏في الأوساط الطبية‎.‎
خامساً: الأثر على النظام الصحي والمجتمع
إن انعكاس هذه التطورات التكنولوجية لم يقتصر على دقة النتائج وحسب، بل شمل أيضاً تخفيض الكلفة ‏المادية على المدى البعيد نتيجة تقليل الحاجة إلى إعادة الفحوصات، وزيادة كفاءة الكوادر العاملة، فضلاً عن ‏اختصار الزمن اللازم للحصول على التشخيص. هذا بدوره ساعد على تحسين مخرجات الرعاية الصحية، ‏وتقليل العبء على المؤسسات الصحية، ورفع مستوى ثقة المجتمع بالمختبرات الطبية‎.‎
يمكن القول إن التطور التكنولوجي في أجهزة التحليلات المرضية لم يكن مجرد تحديث تقني، بل شكل نقلة ‏نوعية في أسلوب التشخيص الطبي الحديث. إذ أصبح المختبر الطبي اليوم ليس مجرد مكان لإجراء ‏الفحوصات، بل مركزاً متكاملاً يربط بين التكنولوجيا والطب لتقديم نتائج دقيقة وسريعة تسهم في حماية ‏صحة الإنسان والارتقاء بجودة الخدمات الصحية. وبذلك، فإن الاستثمار المستمر في تحديث الأجهزة ‏وتطوير مهارات الكوادر يظل الركيزة الأساسية لضمان مستقبل أكثر دقة وفاعلية في التشخيص والعلاج.

جامعة المستقبل
الجامعة الاولى في العراق