يُعد تخصص تقنيات التحليلات المرضية من التخصصات الطبية الحيوية التي تلعب دوراً محورياً في تشخيص الأمراض ودعم القرارات العلاجية. ومع التطور المستمر في العلوم والتكنولوجيا، تتزايد أهمية هذا المجال، في الوقت نفسه الذي تتعاظم فيه التحديات التي تواجه الخريجين عند دخولهم سوق العمل. إذ أصبح التنافس على الوظائف أكثر تعقيداً، والمتطلبات المهنية أكثر تنوعاً، مما يستلزم الاستعداد المبكر والتطوير المستمر للمهارات.
أولاً: زيادة أعداد الخريجين مقابل محدودية الفرص
من أبرز التحديات التي يواجهها خريجو تقنيات التحليلات المرضية هي تزايد أعداد الخريجين سنوياً مقارنة بالعدد المحدود من الوظائف المتاحة في المستشفيات والمختبرات الطبية. هذا التفاوت أدى إلى حدوث منافسة شديدة على فرص العمل، مما يفرض على الخريج التميز العلمي والعملي ليكون قادراً على الحصول على وظيفة مناسبة
ثانياً: متطلبات التطور التكنولوجي
أدى دخول الأجهزة الحديثة وتقنيات التشخيص الجزيئي والأنظمة المؤتمتة إلى رفع سقف المهارات المطلوبة من الخريج. إذ لم يعد الإلمام بالأساسيات المخبرية التقليدية كافياً، بل أصبح من الضروري امتلاك خبرة في استخدام الأجهزة الرقمية، وفهم آليات التحليل الجزيئي، والتعامل مع البيانات الطبية الضخمة. هذا التحدي يحتم على الخريج الاستمرار في التعلم ومواكبة المستجدات التكنولوجية بشكل دائم.
ثالثاً: متطلبات الجودة والاعتماد
تسعى معظم المؤسسات الصحية إلى الحصول على الاعتماد الدولي وضمان تطبيق معايير الجودة في المختبرات الطبية. ولتحقيق ذلك، يحتاج الخريجون إلى معرفة دقيقة بأنظمة ضبط الجودة (Quality Control) والإجراءات القياسية للعمل (Standard Operating Procedures). هذا الجانب قد يمثل تحدياً حقيقياً لمن لم يتلقَّ تدريباً كافياً خلال دراسته الجامعية أو تدريبه العملي.
رابعاً: المنافسة مع الاختصاصات الأخرى
تتداخل مهام خريجي تقنيات التحليلات المرضية مع اختصاصات طبية أخرى مثل الأحياء المجهرية، التقنيات الحيوية، والتحليلات الجزيئية. هذا التداخل يخلق منافسة إضافية في سوق العمل، ويجعل الخريج مطالباً بإثبات قدرته على تقديم قيمة مضافة تميزه عن غيره من الاختصاصات.
خامساً: الحاجة إلى المهارات غير التقنية
لم يعد النجاح في سوق العمل يعتمد فقط على الكفاءة العلمية، بل أصبح يتطلب أيضاً امتلاك مهارات أخرى مثل التواصل الفعّال، العمل ضمن فريق، إدارة الوقت، والقدرة على استخدام أنظمة المعلومات الصحية. هذه المهارات باتت شرطاً أساسياً للتكيف مع بيئة العمل الحديثة، وغالباً ما تمثل نقطة تفوق للخريجين المتميزين.
سادساً: التوجه نحو القطاع الخاص والبحث العلمي
مع محدودية التعيينات الحكومية، أصبح الاتجاه نحو القطاع الخاص والمراكز البحثية خياراً شائعاً أمام الخريجين. إلا أن هذا الاتجاه يتطلب قدرة على ريادة الأعمال وامتلاك معرفة بالأنظمة القانونية والإدارية الخاصة بفتح المختبرات أو المراكز التحليلية. كما أن العمل البحثي يحتاج إلى خبرة أكاديمية متقدمة، وهو ما يمثل تحدياً إضافياً للخريج الذي يسعى إلى إكمال دراسته العليا.
يمكن القول إن خريجي تقنيات التحليلات المرضية يواجهون تحديات معقدة في سوق العمل تتراوح بين المنافسة الشديدة، والتطور التكنولوجي، ومتطلبات الجودة، والحاجة إلى مهارات شاملة. لكن هذه التحديات يمكن تحويلها إلى فرص للنمو والتميز من خلال الاستمرار في التعلم، واكتساب خبرات عملية حديثة، والانفتاح على مجالات جديدة مثل البحث العلمي والقطاع الخاص. وبذلك، يصبح الخريج قادراً ليس فقط على الاندماج في سوق العمل، بل على الإسهام الفاعل في تطوير المنظومة الصحية وخدمة المجتمع
جامعة المستقبل
الجامعة الاولى في العراق