انت الان في كلية التقنيات الصحية والطبية

مقالة للاستاذ احمد فؤاد الخزاعي بعنوان " التحديات المستقبلية أمام خريجي تقنيات التحليلات المرضية في سوق العمل" تاريخ الخبر: 20/08/2025 | المشاهدات: 867

مشاركة الخبر :

يُعد تخصص تقنيات التحليلات المرضية من التخصصات الطبية الحيوية التي تلعب دوراً محورياً في تشخيص الأمراض ‏ودعم القرارات العلاجية. ومع التطور المستمر في العلوم والتكنولوجيا، تتزايد أهمية هذا المجال، في الوقت نفسه الذي تتعاظم ‏فيه التحديات التي تواجه الخريجين عند دخولهم سوق العمل. إذ أصبح التنافس على الوظائف أكثر تعقيداً، والمتطلبات المهنية ‏أكثر تنوعاً، مما يستلزم الاستعداد المبكر والتطوير المستمر للمهارات‎.‎
أولاً: زيادة أعداد الخريجين مقابل محدودية الفرص
من أبرز التحديات التي يواجهها خريجو تقنيات التحليلات المرضية هي تزايد أعداد الخريجين سنوياً مقارنة بالعدد المحدود ‏من الوظائف المتاحة في المستشفيات والمختبرات الطبية. هذا التفاوت أدى إلى حدوث منافسة شديدة على فرص العمل، مما ‏يفرض على الخريج التميز العلمي والعملي ليكون قادراً على الحصول على وظيفة مناسبة

ثانياً: متطلبات التطور التكنولوجي
أدى دخول الأجهزة الحديثة وتقنيات التشخيص الجزيئي والأنظمة المؤتمتة إلى رفع سقف المهارات المطلوبة من الخريج. إذ ‏لم يعد الإلمام بالأساسيات المخبرية التقليدية كافياً، بل أصبح من الضروري امتلاك خبرة في استخدام الأجهزة الرقمية، وفهم ‏آليات التحليل الجزيئي، والتعامل مع البيانات الطبية الضخمة‎. ‎هذا التحدي يحتم على الخريج الاستمرار في التعلم ومواكبة ‏المستجدات التكنولوجية بشكل دائم‎.‎

ثالثاً: متطلبات الجودة والاعتماد
تسعى معظم المؤسسات الصحية إلى الحصول على الاعتماد الدولي وضمان تطبيق معايير الجودة في المختبرات الطبية. ‏ولتحقيق ذلك، يحتاج الخريجون إلى معرفة دقيقة بأنظمة ضبط الجودة‎ (Quality Control) ‎والإجراءات القياسية للعمل‎ ‎‎(Standard Operating Procedures). ‎هذا الجانب قد يمثل تحدياً حقيقياً لمن لم يتلقَّ تدريباً كافياً خلال دراسته الجامعية ‏أو تدريبه العملي‎.‎
رابعاً: المنافسة مع الاختصاصات الأخرى
تتداخل مهام خريجي تقنيات التحليلات المرضية مع اختصاصات طبية أخرى مثل الأحياء المجهرية، التقنيات الحيوية، ‏والتحليلات الجزيئية. هذا التداخل يخلق منافسة إضافية في سوق العمل، ويجعل الخريج مطالباً بإثبات قدرته على تقديم قيمة ‏مضافة تميزه عن غيره من الاختصاصات‎.‎
خامساً: الحاجة إلى المهارات غير التقنية
لم يعد النجاح في سوق العمل يعتمد فقط على الكفاءة العلمية، بل أصبح يتطلب أيضاً امتلاك مهارات أخرى مثل التواصل ‏الفعّال، العمل ضمن فريق، إدارة الوقت، والقدرة على استخدام أنظمة المعلومات الصحية‎. ‎هذه المهارات باتت شرطاً أساسياً ‏للتكيف مع بيئة العمل الحديثة، وغالباً ما تمثل نقطة تفوق للخريجين المتميزين‎.‎
سادساً: التوجه نحو القطاع الخاص والبحث العلمي
مع محدودية التعيينات الحكومية، أصبح الاتجاه نحو القطاع الخاص والمراكز البحثية خياراً شائعاً أمام الخريجين. إلا أن هذا ‏الاتجاه يتطلب قدرة على ريادة الأعمال وامتلاك معرفة بالأنظمة القانونية والإدارية الخاصة بفتح المختبرات أو المراكز ‏التحليلية. كما أن العمل البحثي يحتاج إلى خبرة أكاديمية متقدمة، وهو ما يمثل تحدياً إضافياً للخريج الذي يسعى إلى إكمال ‏دراسته العليا‎.‎
يمكن القول إن خريجي تقنيات التحليلات المرضية يواجهون تحديات معقدة في سوق العمل تتراوح بين المنافسة الشديدة، ‏والتطور التكنولوجي، ومتطلبات الجودة، والحاجة إلى مهارات شاملة‎. ‎لكن هذه التحديات يمكن تحويلها إلى فرص للنمو ‏والتميز من خلال الاستمرار في التعلم، واكتساب خبرات عملية حديثة، والانفتاح على مجالات جديدة مثل البحث العلمي ‏والقطاع الخاص. وبذلك، يصبح الخريج قادراً ليس فقط على الاندماج في سوق العمل، بل على الإسهام الفاعل في تطوير ‏المنظومة الصحية وخدمة المجتمع

جامعة المستقبل
الجامعة الاولى في العراق