انت الان في كلية التقنيات الصحية والطبية

مقالة علمية للتدريسي م.م. طيف عبدالحسن علي بعنوان "العلاقة بين النمو النفسي والمعرفي والعملية التعليمية"‏ تاريخ الخبر: 15/09/2025 | المشاهدات: 231

مشاركة الخبر :

تُعَدّ العملية التعليمية من أكثر العمليات الإنسانية تعقيدًا، فهي لا تقتصر على نقل المعرفة من المعلّم إلى المتعلّم، بل تتأثر بعوامل ‏متعددة، أبرزها النمو النفسي والمعرفي للطالب‎. ‎إذ يشكّل النمو النفسي قاعدة الاستقرار الانفعالي والاجتماعي، بينما يوفّر النمو ‏المعرفي القدرات العقلية اللازمة لفهم المعلومات وتحليلها واستيعابها. ومن هنا تبرز أهمية دراسة العلاقة بين هذين البعدين لفهم كيفية ‏تكييف المناهج واستراتيجيات التدريس مع خصائص المتعلّم في مختلف المراحل العمرية‎.‎
أولاً: النمو النفسي وأثره في التعليم
النمو النفسي هو مجموع التغيرات التي تطرأ على الجوانب الانفعالية والاجتماعية والشخصية للفرد عبر مراحل حياته. وفي البيئة ‏التعليمية، يلعب دورًا محوريًا في‎:‎
‏1.‏ الدافعية للتعلّم‎: ‎حيث يرتبط الشعور بالإنجاز والاعتزاز بالذات بمدى استعداد الطالب للتعلّم‎.‎
‏2.‏ التكيف الاجتماعي‎: ‎بما يساعد الطالب على التفاعل الإيجابي مع زملائه ومعلميه‎.‎
‏3.‏ الصحة النفسية‎: ‎إذ يسهم الاستقرار الانفعالي في تعزيز الانتباه والتركيز داخل الصف‎.‎
ثانياً: النمو المعرفي ودوره في التعلّم
النمو المعرفي يشير إلى التطورات التي تطرأ على القدرات العقلية، مثل التفكير، الذاكرة، الانتباه، حل المشكلات، والإبداع. وقد ‏أوضح جان بياجيه في نظريته أن لكل مرحلة عمرية خصائص معرفية يجب مراعاتها أثناء التعليم، ومنها‎:‎
• مرحلة الطفولة المبكرة‎: ‎يغلب عليها التفكير الحسي والاعتماد على المحسوسات‎.‎
• مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة‎: ‎يظهر التفكير المنطقي الملموس‎.‎
• مرحلة المراهقة‎: ‎تتبلور القدرة على التفكير المجرد والتحليل والاستنتاج‎.‎
ثالثاً: تكامل النمو النفسي والمعرفي في التعليم
العلاقة بين النمو النفسي والمعرفي علاقة تكاملية، حيث يؤثر كل منهما في الآخر‎.‎
• الطالب الذي يعاني من القلق أو الخوف قد تتأثر ذاكرته وانتباهه سلبًا‎.‎
• في المقابل، الطالب المستقر نفسيًا يكون أكثر قدرة على استثمار مهاراته العقلية في التعلّم‎.‎
وهذا يوضح أهمية أن يراعي المعلّمون الجانبين النفسي والمعرفي معًا، لا أن يقتصروا على الجانب الأكاديمي فقط‎.‎
رابعاً: انعكاسات العلاقة على العملية التعليمية
• تصميم المناهج بما يتلاءم مع مستوى النمو العقلي والنفسي للمتعلمين‎.‎
• اختيار استراتيجيات التدريس التي تراعي الفروق الفردية وتقدّم دعمًا نفسيًا‎.‎
• توظيف الإرشاد النفسي التربوي لدعم النمو المتوازن للطلاب‎.‎
• اعتماد تقويم تربوي شامل لا يقتصر على قياس التحصيل العلمي، بل يأخذ بعين الاعتبار أبعاد النمو المختلفة‎.‎

‏-‏ إن العملية التعليمية الفعّالة لا تقوم على المعرفة وحدها، بل تعتمد على فهم شامل للنمو النفسي والمعرفي للطالب‎. ‎فكل ‏مرحلة عمرية تحمل خصائصها واحتياجاتها، التي يجب أن تنعكس في السياسات التعليمية وأساليب التدريس. ومن هنا، ‏تبرز مسؤولية المعلم والمؤسسات التربوية في تهيئة بيئة تعليمية متكاملة تراعي هذا التوازن، بما يضمن بناء شخصية ‏متوازنة علميًا ونفسيًا واجتماعيًا‎.‎
https://www.un.org/sustainabledevelopment/ar/health/
جامعة المستقبل
الجامعة الاولى في العراق