انت الان في كلية الهندسة والتقنيات الهندسية

مقاله بعنوان : استخدام التكنولوجيا في البناء والإنشاءات: نحو ثورة في قطاع التشييد تاريخ الخبر: 18/06/2025 | المشاهدات: 499

مشاركة الخبر :


مقدمة:
يشهد قطاع البناء والإنشاءات تحوّلاً جذرياً بفعل إدخال التكنولوجيا الرقمية والمتقدمة، مما غيّر بشكل جوهري في طرق التصميم، التنفيذ، الصيانة، وإدارة المشاريع. لم يعد البناء يعتمد فقط على الجهد اليدوي والخبرة التقليدية، بل أصبح ميداناً تتقاطع فيه الهندسة، الذكاء الاصطناعي، الطباعة ثلاثية الأبعاد، تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)، وإنترنت الأشياء (IoT).
أولاً: التحول الرقمي في التصميم والتنفيذ
1. نمذجة معلومات البناء (BIM):
تُعدّ تكنولوجيا BIM (Building Information Modeling) من أبرز ثورات التصميم والبناء، حيث تتيح إنشاء نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد شامل يحتوي على كافة البيانات الهندسية والمعمارية والإنشائية للمشروع. تُمكّن BIM من:
تقليل الأخطاء في المخططات.
تنسيق التخصصات المختلفة.
محاكاة أداء المبنى قبل تنفيذه (thermal simulation, energy analysis).
دعم إدارة المشروع على مدى دورة حياته.
2. الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing):
ساهمت الطباعة ثلاثية الأبعاد في تسريع وتيرة التشييد وتقليل تكاليف العمالة، إذ تُستخدم لطباعة الجدران والأجزاء الإنشائية باستخدام مواد مثل الخرسانة والبوليمرات. من أبرز التطبيقات:
إنشاء مساكن منخفضة التكلفة.
تصنيع وحدات بناء معقدة غير قابلة للإنجاز بالطرق التقليدية.
تقليل النفايات الإنشائية بنسبة كبيرة.
ثانياً: الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات
1. التنبؤ بالمخاطر وإدارة المشروع:
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المتجمعة من مواقع العمل لتوقّع المشاكل المحتملة مثل التأخيرات أو حوادث العمل. كما تُستخدم تقنيات التعلم الآلي (Machine Learning) لتقديم توصيات ذكية تتعلق بالجدولة والميزانيات.
2. الصيانة التنبؤية:
من خلال تحليل البيانات التي توفرها الحساسات (sensors) المثبتة في البنى التحتية، يمكن التنبؤ بأعطال المعدات أو تلف المكونات الإنشائية قبل وقوعها، مما يساهم في خفض التكاليف وتحسين السلامة.
ثالثاً: الواقع المعزز والافتراضي في البناء
توفر تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز إمكانيات غير مسبوقة للمصممين والمشرفين على المشاريع، حيث يمكنهم:
التفاعل مع النموذج الرقمي للمبنى في بيئة افتراضية قبل بدء التنفيذ.
إجراء الجولات الافتراضية داخل المبنى.
تدريب العمال على العمليات الخطرة في بيئة آمنة.
رابعاً: الروبوتات والطائرات المسيرة (Drones)
1. الروبوتات الإنشائية
تُستخدم الروبوتات في تنفيذ مهام متكررة أو خطرة مثل:
رصف الطوب (bricklaying robots).
صب الخرسانة.
اللحام والقطع.
2. الطائرات بدون طيار (Drones)
توفر صوراً جوية فورية دقيقة تُمكن من:
مراقبة تقدم المشروع.
إجراء المسح الطوبوغرافي.
التفتيش على البنى المرتفعة أو الصعبة الوصول.
خامساً: الاستدامة وكفاءة الموارد عبر التكنولوجيا
تُوظّف التكنولوجيا لدعم البناء المستدام من خلال:
أنظمة ذكية لإدارة الطاقة والمياه.
استخدام مواد بناء ذكية (مثل الخرسانة ذاتية الترميم).
محاكاة الأداء البيئي للمباني لتقليل البصمة الكربونية.

خاتمة:
بات من الواضح أن دمج التكنولوجيا في قطاع البناء والإنشاءات ليس خياراً، بل ضرورة حتمية لمواكبة متطلبات الجودة، السلامة، الكفاءة، والاستدامة. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، والتصنيع المتقدم، وتكنولوجيا البيانات، فإن مستقبل التشييد سيشهد تحولات أكثر جذرية، تؤسس لعصر من البناء الذكي والمرن والمستدام.
م.م. إسراء محسن كاظم