انت الان في كلية الطب

مقالة بعنوان المؤشرات الحيوية في الدم أو اللعاب أو الأنسجة لسرطان الخلايا الحرشفية في البلعوم الفموي تاريخ الخبر: 09/07/2025 | المشاهدات: 1056

مشاركة الخبر :

المقدمة
يُعد سرطان الخلايا الحرشفية في البلعوم الفموي (OPSCC) أحد الأنواع الرئيسية لأورام الرأس والعنق، مع تزايد ملحوظ في معدل الإصابة به عالميًا وارتفاع نسب الوفيات المرتبطة به. يُعتبر الكشف المبكر أمرًا بالغ الأهمية لتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة وتقليل احتمالات الانتكاس، إلا أن طرق التشخيص التقليدية غالبًا ما تكون جراحية أو غير مريحة للمريض ولا تعكس بالضرورة كل جوانب المرض. لذلك، تركزت الأبحاث الحديثة على تحديد مؤشرات حيوية دقيقة في سوائل الجسم غير الجراحية مثل الدم واللعاب، بالإضافة إلى الأنسجة، بهدف تمكين الكشف المبكر، وتحسين التنبؤ بمسار المرض، والمتابعة الدقيقة لسرطان الخلايا الحرشفية في البلعوم الفموي.

أهمية اكتشاف المؤشرات الحيوية
المؤشرات الحيوية هي معايير قابلة للقياس تعكس العمليات البيولوجية أو حالات المرض أو الاستجابة للعلاج. في حالة سرطان الخلايا الحرشفية في البلعوم الفموي، يمكن للمؤشرات الحيوية أن:
• تسهل التشخيص المبكر والدقيق
• تتنبأ بمسار المرض والاستجابة للعلاج
• تراقب تقدم المرض أو عودته
• توجه العلاج الشخصي المناسب لكل مريض
وتُعد العينات غير الجراحية، خاصة اللعاب والدم، ذات ميزات عملية مقارنة بخزعات الأنسجة، منها سهولة الجمع وراحة المريض وإمكانية تكرار الفحص بسهولة.

اللعاب كخزعة سائلة في سرطان البلعوم الفموي
المميزات:
• غير جراحي، غير مؤلم، وذو تكلفة منخفضة
• يعكس التغيرات المحلية (الفموية/البلعومية) والجهازية
• يحتوي على DNA وRNA وبروتينات وسيتوكينات ومستقلبات وحويصلات خارجية (إكسوزومات)
أهم المؤشرات الحيوية في اللعاب:
• الحمض النووي/الحمض النووي الريبي الحر (cfDNA/cfRNA): يمكن اكتشاف الطفرات الجينية وأنماط التعبير الجيني الخاصة بالورم في اللعاب، وتكون مشابهة لتلك الموجودة في الأنسجة.
• البروتينات والسيتوكينات: ارتفاع مستويات الإنترلوكين-8 (IL-8)، وLDH، وبروتينات أخرى يرتبط بسرطان الخلايا الحرشفية ويمكن أن يميز المرضى عن الأصحاء.
• الميكرو RNA والإكسوزومات: أنماط مميزة من الميكرو RNA ومحتوى الإكسوزومات في اللعاب قد تكون مؤشرات مبكرة على وجود أو تطور السرطان.
أظهرت دراسات حديثة أن المؤشرات الحيوية اللعابية قد تحقق حساسية ونوعية مرتفعة (≥95%) للكشف المبكر عن سرطانات الرأس والعنق، بما فيها سرطان البلعوم الفموي. على سبيل المثال، ظهرت جينات CLEC2B وDAZL وF9 وAC008735.2 كمؤشرات cfRNA جديدة في اللعاب، مع زيادة ملحوظة في CLEC2B لدى مرضى OPSCC.

المؤشرات الحيوية في الدم
الدم (البلازما) يُعد أيضًا وسطًا مناسبًا للخزعة السائلة. يمكن أن توفر جزيئات الحمض النووي الورمي الحر (ctDNA)، والميكرو RNA، والبروتينات في الدم معلومات حول حجم الورم، والتغيرات الجينية، والاستجابة المناعية. ومع ذلك، تشير الأدلة الحديثة إلى أن اللعاب قد يتفوق على البلازما في بعض اختبارات cfRNA الخاصة بسرطانات الفم والبلعوم، إذ قد تفتقر البلازما للحساسية الكافية للتمييز بين حالات OPSCC والأنسجة الطبيعية أو الحميدة.

المؤشرات الحيوية في الأنسجة
لا تزال دراسة الأنسجة هي المعيار الذهبي للتشخيص والتوصيف الجزيئي. تشمل مؤشرات الأنسجة الحيوية:
• الطفرات الجينية (مثل TP53، PIK3CA)
• تعبير البروتينات (مثل p16 كمؤشر غير مباشر لحالة فيروس الورم الحليمي البشري HPV)
• التغيرات اللاجينية وأنماط مثيلة الجينات
تُظهر الدراسات المقارنة توافقًا قويًا بين الطفرات الجينية الخاصة بالورم في الأنسجة وتلك المكتشفة في اللعاب، مما يدعم استخدام اللعاب كبديل غير جراحي لخزعة الأنسجة في العديد من الحالات.

التقنيات الحديثة والمقاربات متعددة الأوميكس
مكنت التطورات في مجالات الجينوميات، والنسخيات، والبروتيوميات، والمستقلبات من اكتشاف أنماط مؤشرات حيوية معقدة في اللعاب والدم والأنسجة. تسمح هذه المقاربات متعددة الأوميكس بتصنيف المرضى حسب الخطورة، والتنبؤ بمسار المرض، واكتشاف أهداف علاجية جديدة.

التطبيقات السريرية وآفاق المستقبل
• الكشف المبكر: يمكن للفحص اللعابي أن يكشف سرطان البلعوم الفموي في مراحل مبكرة أكثر قابلية للعلاج.
• الطب الشخصي: تساعد أنماط المؤشرات الحيوية في توجيه قرارات العلاج والمتابعة حسب كل حالة.
• المتابعة غير الجراحية: تتيح عينات اللعاب أو الدم المتكررة تقييم الاستجابة للعلاج والكشف المبكر عن الانتكاس.
رغم هذه الإمكانيات الواعدة، لا تزال هناك تحديات في توحيد اختبارات المؤشرات الحيوية، والتحقق من صحتها في مجموعات كبيرة، ودمجها في الممارسة السريرية الروتينية.

الخلاصة
يمثل اكتشاف المؤشرات الحيوية في الدم واللعاب والأنسجة نقلة نوعية في إدارة سرطان الخلايا الحرشفية في البلعوم الفموي. ويبرز اللعاب بشكل خاص كوسط غير جراحي قوي للتشخيص المبكر والتنبؤ ومراقبة المرض، مع وجود العديد من العلامات الجزيئية الواعدة سريريًا. من المتوقع أن تواصل الأبحاث والتقنيات الحديثة تطوير وتعزيز دور المؤشرات الحيوية في رعاية مرضى OPSCC
بقلم الدكتور علي حسين حمزه النصراوي
جامعة المستقبل الاولى في العراق