انت الان في كلية الطب

مقاله بعنوان التأثيرات البنيوية لمستوعب Scopus على البحث العلمي في العالم العربي تاريخ الخبر: 27/09/2025 | المشاهدات: 84

مشاركة الخبر :


المقدمة
يشكل مستوعب Scopus أحد أبرز قواعد البيانات العالمية التي فرضت حضورها على المشهد الأكاديمي خلال العقدين الأخيرين. وقد ارتبط اسمه بمعايير الجودة والرصانة البحثية، فأصبح شرطًا أساسيًا للترقيات الأكاديمية وتقييم الجامعات في معظم الدول العربية. غير أن هذا الحضور الطاغي أفرز جملة من النتائج الإيجابية والسلبية التي تستحق التوقف والتحليل النقدي.
أولًا: الجوانب الإيجابية
تحسين جودة الأبحاث
فرضت معايير Scopus على الباحث العربي الالتزام بالمنهجية العلمية الرصينة، والتقيد بأخلاقيات النشر، مما أسهم في الارتقاء بالمستوى العام للأبحاث.
الانفتاح على المشهد العلمي العالمي
النشر في مجلات مفهرسة مكّن الباحثين العرب من الانخراط في حوار علمي عالمي، وأتاح لهم فرصًا أوسع للتعاون الدولي وتبادل المعرفة.
تعزيز تصنيف الجامعات
اعتماد مؤشرات الاستشهادات المستقاة من Scopus ساهم في تحسين موقع بعض الجامعات العربية ضمن التصنيفات العالمية، وهو ما انعكس إيجابًا على سمعتها ومكانتها الأكاديمية.
ثانيًا: الجوانب السلبية
تهميش البحث باللغة العربية
أدّى التركيز شبه المطلق على الإنجليزية إلى إضعاف حضور اللغة العربية كلغة علمية، وتراجع إنتاج الأبحاث التي تتناول القضايا المحلية والخصوصيات الثقافية.
ضغوط مؤسسية على الباحثين
أضحى النشر في Scopus شرطًا أساسيًا للترقية الأكاديمية، ما دفع العديد من الباحثين إلى التركيز على الكم على حساب الكيف، بل وأحيانًا اللجوء إلى مجلات ذات سمعة مشبوهة.
الأعباء المالية
رسوم النشر المرتفعة في كثير من المجلات المفهرسة تشكل عائقًا أمام الباحثين، خصوصًا في الدول النامية، وهو ما أفسح المجال أمام المجلات "المفترسة" التي تستغل هذه الحاجة.
إقصاء البحث التطبيقي المحلي
يركز Scopus على القضايا ذات الطابع العالمي، مما يضعف الاهتمام بالأبحاث الموجهة لحل مشكلات محلية أو إقليمية قد لا تحظى بالاهتمام الدولي نفسه.
ثالثًا: قراءة نقدية
إن هيمنة Scopus على السياسات البحثية في العالم العربي تعكس نوعًا من التبعية المعرفية، حيث يجري تقييم الإنتاج الأكاديمي العربي وفق معايير خارجية لا تراعي خصوصيات البيئة المحلية. ورغم الفوائد المترتبة على هذا الاندماج في المنظومة العلمية العالمية، إلا أن الاعتماد المطلق عليه قد يقود إلى إضعاف الهوية العلمية العربية وإقصاء اللغة الأم من دائرة البحث الرصين.
الخلاصة
إن التعامل مع مستوعب Scopus ينبغي أن يقوم على مبدأ التوازن؛ أي الإفادة من مزاياه في ضمان الجودة والانفتاح الدولي، مع العمل المتوازي على بناء مستوعبات عربية رصينة تعزز النشر باللغة العربية وتمنح الاعتراف اللازم للأبحاث التي تعالج القضايا المحلية. بذلك يمكن للعالم العربي أن يحقق معادلة الجمع بين الاعتراف الدولي والخصوصية المحلية، وهو ما يشكل ركيزة أساسية لنهضة علمية مستدامة.
بقلم الاستاذ الدكتور نعمه حسوني مهدي

جامعة المستقبل الاولى على الجامعات الاهلية