انت الان في كلية القانون

أثر الإعلام الأمني في حماية الأمن الفكري تاريخ الخبر: 19/10/2020 | المشاهدات: 2005

مشاركة الخبر :

م.د نورس احمد كاظم
كلية المستقبل الجامعة /قسم القانون

يُعد الإعلام الأمني مصطلحاً حديث النشأة له فلسفته الخاصة، ذو مدلول أمني يرتبط بسياسة الدول واستراتيجياتها، ويسهم في خدمة أمن المجتمع واستقراره، وينبع من المخزون الفكري والثقافي للأمة والموروث الحضاري لها. ويُمثّل النشر الصادق للحقائق الأمنية، والسعي إلى تأسيس وعي أمني يثري الروح المعنوية، ويهدف إلى بث الطمأنينة في نفوس الجماهير، وترسيخ قناعاتهم بأبعاد مسؤوليتهم وضرورة مشاركتهم بالوقاية من الظواهر الإجرامية ومواجهة الإنحراف، بوصفهم أعضاء في المجتمع. وبذلك هو يرتبط بمحاربة الجريمة والإنحراف. ولا يقف عند حد نقل المعلومات الأمنية. ويقوم الإعلام الأمني بتحسين الصورة الذهنية لرجل الأمن، عن طريق تفعيل الشرطة المجتمعية، فالمسؤولية مشتركة بين رجل الأمن وبقية الأفراد، ويُشكّل هذا الإشتراك محوراً أساسياً في حماية أمن المجتمع ووقايته من كافة صور الإنحراف. ويُخفّف من آثار الحرب النفسية التي قد تُمارس في مجالات الحياة الفكرية أو العقائدية السياسية أو غيرها، ويختل بها تفكير الإنسان أو مشاعره أو سلوكه لتجعله أداةً في يد من يوجه فكرياً.
ويظهر أثر الإعلام الأمني من خلال وظائفه المهمة، والتي تتمثّل في مواجهة الإشاعات وتتبعها ومعرفة أبعادها ومخاطرها، ومن ثم إبراز حيثياتها لدحض تأثيراتها على المجتمع. كذلك تُساهم في مواجهة الإرهاب الفكري، وتعرية التنظيمات الإرهابية ومخططاتها، ومناظرة وتوضيح حقيقة فكرهم وأهدافهم أمام الرأي العام المحلي، والعالمي، وخطورتها على الأمن. كما وتبرز مهمته في الحفاظ على الهوية من خلال البرامج الخاصة التي تشتمل على كافة المجالات بهدف غرس قيم الوطنية، والشعور بالانتماء الوطني واحترام الثقافة، وتجسيدها في سلوك الأفراد وممارساتهم والتي توّلد لديهم الشعور بالفخر والاعتزاز بثقافتهم تلك.
يلاحظ غالباً ما يتم نشر الخبر الإجرامي من دون معالجة أمنية هادفة، وهذا ما يجعله لا يترك أثراً إيجابياً أو رسالة أمنية لدى المتلقي حتى تُحّقق نفوراً من الجرم المعلن عنه، والتوعية بخطرهِ، لذا لا بد من تصحيح المعالجات الخاطئة للجريمة، وهذا يُشكل أحد المهام الأساسية للإعلام الأمني، والذي يجب أن يتصف عمله بإسلوب التنوير ويقدم المعرفة الأمنية، والتوعية بخطر الجرائم وأثارها السلبية، وفقاً لأساليب علمية مدروسة ومقننة تهدف إلى ترسيخ الضوابط الذاتية لدى المتلقين، ومن ثم تُحقّق الوقاية منها.
وفي ضوء ما تقدم يساهم الإعلام الأمني في توعية الرأي العام بأخطار الإنحراف الفكري وحث المواطنين على التعاون مع الأجهزة الأمنية، وإستخدام جميع الأساليب المتاحة لتقويض الثقافات الإباحية، ومنع الأفكار المنحرفة. وان يتم التدريب على إستخدام الوسائل التقنية في الكشف عن الأنشطة الفكرية والعقائدية، وما قد يصاحبها من نشاط إجرامي تقليدي، لإستكشاف مثل هذه الأفكار المتاحة للجميع على مواقع الإنترنت، وتخصيص فريق مدرب للرد عليها بما يفي بمتطلبات التوعية وتحصين عقل المتلقي. وبذلك تظهر الحاجة إلى وجود كادر إعلامي أمني متخصص يتم تأهيله وفق مجالات محددة من المهارات الأمنية.
مما لا شك فيه أن المادة الإعلامية الأمنية تتأثر بمن يقدمها، وقدرته على التنويع، ومعرفة لغة المخاطبين ومستوى عقولهم، ومراعاة ذلك، فالإعلامي الأمني الناجح هو الذي يتوجه برسالته الإعلامية باللغة التي تتناسب مع لغة الجمهور المخاطب بها، وعاداته وأفكاره، حتى يؤثر فيهم. وبرأينا هنالك العديد من الإشكاليات التي تحيط بالإعلام الأمني العراقي تحديداً، منها غياب الرؤية الإعلامية الأمنية الشاملة، ومحدودية الإهتمام بالأمن الفكري والإجتماعي، كذلك ضعف التنسيق بين الأجهزة الإعلامية والأمنية. لذلك من الضروري معالجتها وفق آلية محددة حتى تحقق أثرها المهم في حماية الأمن الفكري.