انت الان في كلية القانون

الضرر الناشئ عن الإتجار الطبي بالبشر تاريخ الخبر: 08/11/2020 | المشاهدات: 2072

مشاركة الخبر :

م.د نورس احمد كاظم
كلية المستقبل الجامعة/ قسم القانون

الضرر الناشئ عن الإتجار الطبي بالبشر

يعرّف الضرر بأنه (مساس بحق من حقوق الإنسان أو مصلحة مشروعة له سواء كان ذلك الحق أو المصلحة متعلقة بسلامة جسمه وحقه في الحياة أو ماله أو شرفه أو غير ذلك)، أو هو (أذى يصيب المتضرر في حق من حقوقه أو في مصلحة من مصالحه المشروعة) ، فالاعتداء على حياة الإنسان أو جسمه في حالة الإتجار الطبي بالبشر يعد الفعل الضار الموجب للمسؤولية المدنية, فهو الفعل الذي يترتب عليه ضرر يصيب حقاً أو مصلحة مشروعة للمتضرر (وهو المجني عليه), إذ لا يمكن تصور وجود جزاء مدني يُفرض على مرتكب الفعل الضار دون وجود الضرر، فلا يُحكم بالتعويض إلا بعد التحقق من وجود الضرر وشروطه. والضرر الناشىء عن الإتجار الطبي بالبشر قد يكون ضرراُ مادياً يصيب المتضرر أو معنوياً، ويُعرّف الضرر المادي بأنه (الضرر الذي ينعكس على ذمة المتضرر المالية فيصيب حقاً من حقوقه المالية أو مصلحة مالية من مصالحه)، أو هو (الأذى الذي يقع على مال الشخص فيؤدي إلى تلفه كلاً أو جزءاً أو إلى نقص قيمته أو منفعته) ، أما الضرر المعنوي فهو (الذي يسبب ألماً معنوياً للمضرور ويعد من قبيل هذا الضرر كل ما يمس شرف الشخص أو سمعته أو كرامته أو حريته أو شعوره أو عاطفته أو مكانته الاجتماعية). وان مجرد المساس بجسم الإنسان يعد بحد ذاته فعلاً ضاراً إذا تسبب بضرر مادي يلحق بالجسم عندها يستوجب التعويض عنه، ويراد بالضرر الجسدي (الأذى الذي يلحق بسلامة الكيان البدني للإنسان فيسبب له ضرراً مادياً أو معنوياً)، ولخصوصية جريمة الإتجار الطبي بالبشر سنتناول الضرر المادي في جسم المجني عليه وما يترتب عليه من ضرر معنوي يلحق به, وعليه فأن الضرر في نطاق صور الإتجار الطبي بالبشر نوعين الأول يُمثل الضرر المادي: والذي يصيب مصلحة مشروعة أو حق من الحقوق المالية للمتضرر لذا له معنيان المعنى الأول ضيق محدد بإصابة الجسم, أما المعنى الثاني فواسع يشمل تأثير الإصابة الجسدية على الموارد المالية للمجني عليه المضرور, فالضرر المادي بمعناه الضيق يصيب التكامل الجسدي للإنسان نتيجة للإصابة بالجراح أو المرض وقد يؤدي إلى موت المجني عليه، ويترك فيه آثار معينة قد تكون مستمرة كما في العاهة المستديمة، أو في تلف العضو البدني أو فقدان حاسة أو في حالة العجز الدائم الذي ينتقص من القوة الجسدية أو العقلية للمصاب أو فقدان أي جزء من أجزاء الجسم. لهذا فهناك من يربط بين الإصابة الجسدية والصحة البشرية في هذا النوع من الضرر, فيعرّفه بأنه (الضرر الذي يصيب صحة الشخص أو كيانه الجسدي على أثر مرض أو جرح أو موت). في حين أن الضرر المادي الذي يصيب جسم الإنسان بمعناه العام هو (المساس بصحة الإنسان وسلامة جسمه الذي يترتب عليه خسارة مالية)، وبذلك يتضمن الأضرار غير الفسلجية بالمعنى الدقيق بل هو أضرار مالية أو اقتصادية- خسارة مصاريف العلاج أو الكسب الفائت- تحل بالمضرور نتيجة للضرر الفسلجي المباشر في الجسم, وهذه الأضرار تعد نتائج مباشرة للاعتداء على الحق في الحياة وسلامة الجسم، ويشمل هذا المعنى للضرر أيضاً ما يعود على ذوي المجني عليه من ضرر مادي نتيجة لما حل به من أذى لا يقتصر على الحرمان من الإعالة وانما في الأضرار الأخرى.
أما النوع الثاني من الضرر هو المعنوي: فكما أن للإنسان الحق في أن تظل أعضاء جسمه تؤدي وظائفها على النحو العادي والطبيعي, فإن له في الوقت ذاته الحق في أن يتحرر من أي آلام نفسية ناتجة عن الاعتداء على جسم الإنسان أو حياته نتيجة الإتجار الطبي بالبشر.
ولما تقّدم يمكن تعريف الضرر المعنوي فنقول بأنه (الضرر الذي يصيب المجني عليه مسبباً له ألماً جسدياً أو نفسياً), فالضرر المعنوي هو الألم الذي يشعر به المتضرر من جراء إصابة مادية تصيبه في جسمه وقد ينتج عن تلك الإصابة الأذى الواقع على حق من الحقوق الملازمة لشخصية الإنسان كالحق في الحياة وغيرها. ويتمثل الضرر المعنوي في أي جريمة إتجار طبي بالبشر بما ينشأ عنها من الآلام التي تصيب المجني عليه نتيجة تعرضه للاعتداء على جسمه أو أي عضو من أعضائه، فالجروح والتلف الذي يصيب جسم الإنسان, والألم الذي ينجم عنه, وما قد يعقبه من تشويه في الوجه أو في الأعضاء أو في الجسم بوجه عام, كل هذا يكون ضرراً مادياً ومعنوياً إذا نتج عنه انفاق المال في العلاج أو نقص في القدرة على الكسب المادي, وقد يكون ضرر معنوي فقط إذا لم ينتج عنه ذلك.