انت الان في كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة

مقالة عن التعلم للتدريسي ( أ.م.د مهند نزار كزار ) تاريخ الخبر: 15/07/2022 | المشاهدات: 441

مشاركة الخبر :

التعلّم Learning .... تعريف ومفهوم
ا.م.د مهند نزار كزار – كلية المستقبل الجامعة- قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة
يشغل موضوع التعلّم تفكير عدد كبير من الناس منهم الآباء، والأُمهات، والمُثقفون، والأعضاء الفاعلون في المجتمع، وهو ملف مثير للجدل بكل ما يتعلّق بنظرياته، وماهيته، والقوانين التي تحكُمه، حيث يتسبب النظر إلى العمليات والتفاعلات التي تحدث داخل الإنسان وفي بيئته، في حدوث عدد من الأمور التي تُغيّر من سلوكيات الإنسان ونمط حياته، وعندها يُقال بأنّ الإنسان تعلّم شيئاً جديداً.
عند تناول عملية التعلم فأن من المهم معرفة دوافع المتعلمين وميولهم واهتماماتهم، كما تتناول عمليات النمو المختلفة، لان التعلم لا يقتصر على التدريب العقلي بل لا بد من الاهتمام بالإنسان ككل من جميع جوانب شخصيته النامية.
تعريف التعلم
التَّعَلُّم من الناحية اللغوية مشتق من الفعل الخماسي تَعَلَّمَ ، أما من الناحية الاصطلاحية هو عملية تغير شبه دائم في سلوك الفرد لا يلاحظ بشكل مباشر لكن يستدل عليه من السلوك ويتكون نتيجة الممارسة، كما يظهر في تغير الأداء لدى الكائن الحي . ويعرف أيضا على أنه عملية تذكر وتدريب للعقل وتعديل في السلوك. وهو كذلك عملية تلقي المعرفة، والقيم والمهارات من خلال الدراسة أو الخبرات أو التعليم مما قد يؤدي إلى تغير دائم في السلوك، تغير قابل للقياس وانتقائي بحيث يعيد توجيه الفرد الإنساني ويعيد تشكيل بنية تفكيره العقلية.
يُعرّف التعلّم باللغة بأنّه: تحصيل المعرفة بالأمور، بينما يُعرف اصطلاحاً بأنّه: نشاط يهدف إلى اكتساب المهارات والحصول على المعرفة الجديدة، والإنسان هو المقصود في هذه العملية، بالرغم من قدرة الحيوانات على التعلّم، وتتحقق هذه العملية التعليمية عند انعكاسها على السلوك والقيم والأفكار وغيرها.
ويعتبر مفهوم التعلّم (بالإنجليزية: Learning) من الأمور المُلحقة بعلم السلوك، وذلك لأنّ علماء السلوك اكتشفوا أنّ الاتجاه السلوكي مرادف للتعّلم، ووفق هذا الاتجاه يُعرّف التعلّم بأنّه تغيير ظاهر في السلوكيات، بسبب الممارسة الثابتة بشكل نسبي.

مفهوم التعلّم:
ان مفهوم التعلم شامل وواسع جداً، وهو اساس العملية التعليمية، فلا يكاد أي نمط من انماط السلوك البشري ان يخلو من نوع ما من التعلم.
وقد تناول الكثير من الباحثين التعلم وفق الاتجاهات العلمية والمجالات التي يتعاملون بها حيث حددت مفاهيمه استناداً الى علم النفس والتربية والتعلم الحركي، ولهذا فقد تم تعريف التعلم بطرق مختلفة من قبل مؤلفين عدة.
فعلماء نفس الإدراك ينظرون إلى التعلم بأنه عملية تنسيق وبرمجة للمعلومات التي يستقبلها الإنسان عن طريق حواسه الخمسة، والقيام بتخيلها وإدراكها وتحليلها وتفسيرها وتقويمها وتبويبها في فئات، ثم خزنها في الذاكرة طويلة الأمد، وذلك من أجل استرجاعها عند الحاجة. وبهذا المفهوم فهم لا يرون الإنسان متعلما إلا إذا استخدم عقله، وعالج المعلومات التي يتعلمها بطريقة صحيحة، وقام بخزنها في ذاكرته بطريقة تساعده على استرجاعها وقت الحاجة. أما علماء الاجتماع فهم يرون التعلم بأنه عملية اكتساب الثقافة التي ينتمي لها الفرد، واكتساب أخلاق المجتمع الذي يعيش فيه، وتقمص عاداته وتقاليده وقوانينه وهويته وطريقة حياته، ومشاركته في العمل والبناء.
وعلماء البيئة يرون التعلم بأنه نتيجة لإدراك متبادل وتفاعل بين الفرد وبيئته، إنه إدراك لما تقدمه البيئة له وما يقدمه لها ؛ ولذا فإن قدرة الفرد على إدراك البيئة والتفاعل معها وما يحدثه فيها من تغييرات، والمحافظة عليها، ما هو إلاَ انعكاس لتعلمه.
وأيا كانت مفاهيم التعلم فالكل يدرك أن التعلم بحاجة إلى تفكير وتدبر وإمعان في الشيء المتعلم، وبحاجة إلى نشاط وحركة وعمل دائب، وبحاجة إلى حب ورغبة وتفاعل مع الموقف التعليمي، وبحاجة إلى بذل الجهد والوقت والطاقة في الشيء المتعلم، وبحاجة لأن يكون الطالب ايجابيا نشطا متحمسا محبا للتعلم، وبحاجة لأن يعكس ما يتعلمه على الآخرين ويستفيد منه ويفيد الآخرين.
ان التعلم تغير دائم نسبياً في السلوك يحدث نتيجة الخبرة . أو انه التغير المطرد في السلوك الذي يرتبط من ناحية بالمواقف المتغيرة التي يوجد فيها الفرد ويرتبط من ناحية اخرى بمحاولات الفرد المستمرة للاستجابة لها بنجاح .
اما علماء النفس فيعرفون التعلم على انه عملية تغيير او تعديل في سلوك الفرد نتيجة قيامه بنشاط على شريطة، ألا يكون هذا التغيير او التعديل قد تم نتيجة للنضج او لبعض الحالات المؤقتة كالتعب او تعاطي بعض العقاقير المنشطة وغير ذلك من العوامل ذات التأثير الوقتي على السلوك والأداء .
وبما أن التعلم تعديل ثابت نسبياً في السلوك ناتج عن الممارسة , لذا يمكن التعرف على اربع خصائص مميزة تساعد في تعريف التعلم وهي:
1- تعديل: ويعني ان التغيير هو جزئي وليس تغيراً كلياً
2- ثابت نسبياً: ويعنى ان التعديل الحاصل ليس مطلقاً، نظراً لعدم وجود ثابت مطلق في التعلم.
3- السلوك: ويقصد به الاداء والافكار والقيم والاتجاهات والمهارات الحركية ومن المعلوم ان السلوك يتألف من ثلاث جوانب هي:
أ‌- الجانب الفكري، كالأداء والافكار
ب‌- الجانب الوجداني، كالاتجاهات والقيم
ت‌- الجانب الحركي، كالسباحة والرمادية.
4- ناتج عن الممارسة: ويعني ان التعديل او التعلم ناتج عن العمل وليس عن طريق الصدفة.
ويجدر الاشارة الى ان السلوك الناتج عن الصدفة يكون آنياً ولظروف طارئة لا يعد تعلماً. وذلك لأنه يزول بزوال المؤثر والظروف الطارئة التي اوجدته وتعنى الممارسة التدريب والخبرة او المران، كما تعني ايضاً تكرار السلوك او النشاط فعلى سبيل المثال يعد المشي عند الطفل الذي هو بمعنى الحركة والنقل نضجاً وليس تعلماً اما مشيه باعتدال على رجليه فيعد تعلماً لأنه يحتاج الى توازن .
ان التعلم يصعب ملاحظته بصورة مباشرة لأنه تغيير داخلي، ويستدل عليه من خلال التغير في السلوك ,لكون التعلم نشاط يحدث داخل الكائن الحي لا يمكن ملاحظته بصورة مباشرة ويتغير المتعلمون بطرق غير مفهومة تماماً حيث يكتسبون الجديد من: الارتباطات، المعلومات، الاستبصارات، المهارات، العادات، وما شابه ذلك .
يجب التمييز بين نتيجة التعلم وعملية التعلم حيث يعبر عن نتائج التعلم بألفاظ مثل (المعرفة) و(المعاني) و( المهارات) و(الاتجاهات) اما العملية فيقصد بها خط سير النمو الذي يبتدئ من المحاولة الاولى للأداء وينتهي بالصورة النهائية للسلوك الثابت.
ان التعلم هو حالة حاسمة من وجودنا ينتج عن تفاعل بين الخبرة والتمرين، وإن الطرق التي يتعلم فيها الاشخاص هي استطاعتهم وتمكنهم من اكتساب معرفة ومهارات جديدة تقودهم الى حالة قوية ممتعة في التعلم.
والتعلم بمفهومة الواسع يعني كل ما يسعى اليه الفرد من اكتساب معلومات وافكار ومعارف وقدرات واتجاهات وعادات وميول مختلفة ومهارات متنوعة سواء اكانت عقلية ام حركية ام وجدانية ام عاطفية سواء تم هذا الاكتساب بطريقة هادفة او عفوية .
وتوجد في الواقع ثلاث مفاهيم للتعلم كان لها اثر كبير في التدريس وفي الخطط المدرسية والمناهج وهي :
1. التعلم عملية تذكر:
يرتبط هذا المفهوم اساساً بسيكولوجية (هربرت ) الذي كان ينظر الى الانسان على انه مزود بالعقل منذ ولادته وهو مثل الصحيفة البيضاء، وان الخبرة والتعلم هما اللذان يمدانه بكل مواد المعرفة، وعليه فان هذه النظرية تعد مخزناً للمعلومات تختزن فيه بعد تعلمها عن طريق الحفظ لتستعمل وقت الحاجة، والتعلم هنا وفق هذا المفهوم مرادف للخزن وعملية الخزن تحتاج الى الحفظ اولاً فاذا ما تم الحفظ تماماً فإنها تكون جاهزة عند الحاجة اليها.
2- التعلم عملية تدريب للعقل:
يرتبط هذا المفهوم بنظرية التدريب الشكلي Formal Discipline التي تنسب الى الفيلسوف الانكليزي (لوك Lock ) وهي احدى النظريات السيكولوجية التي بنيت على فكرة ان العقل مقسم على عدد من الملكات، مثل (التفكير، والتذكر، والتخيل، والتصور) وان التعلم ينتج من تدريب هذه الملكات العقلية.
3- التعلم تعديل للسلوك:
بالنظر لتقدم الابحاث والتجارب السيكولوجية وظهور نظريات جديدة تفسر عملية التعلم وتوضح حقائقها بشكل يسمح لنا بالتعرف على طبيعتها وشروطها والعوامل التي تؤثر فيها فالتعلم عملية تغير وتعديل في سلوك الفرد.