انت الان في قسم علوم الفيزياء الطبية

مقاله علمية للدكتور عصام عبد العزيز بعنوان كيف تقرأ كتاباً علمياً ضخماً في ساعات تاريخ الخبر: 08/05/2023 | المشاهدات: 696

مشاركة الخبر :

يعرّف المتخصصون بأصول التربية Pedagogy علم القراءة بأنه : ( ذلك العلم الذي يعتني بزيادة قدرتنا على التعلم واكتساب المهارات وتغيير العادات وتأصيل المعتقدات ) وقد يرى الكثيرون من غير المتخصصين غرابة في اعتبار القراءة علماً له أصوله ومبادئه ومهارة تتطلب اتقاناً لأنهم يستسهلون تلك المهمة ويرون فيها فعلاً سلبياً محضاً لا يتطلب احترافاً أو اتقاناً في وقت يدرك فيه المتخصصون بأن للمهارة أياً كانت أبعاداً ثلاثة تتمثل بسرعة الأداء وقلة الأخطاء والإتقان .
وان ما نعنيه بالقراءة هنا هو القراءة المثمرة ..القراءة الهادفة المنتجة ..القراءة المتقنة التي تلعب دوراً هاماً في عملية التعلم ، فهي دائماً أول خطوات التعلم وأهمها ، وهي من الأعمال العلمية التي تأخذ الكثير من الوقت والجهد .
هنالك خمس خطوات للقراءة الصحيحة المثمرة لأي كتاب علمي تتمثل بما يأتي :
1- إلقاء نظرة عامة
2- طرح الأسئلة
3- القراءة
4- التذكر
5- المراجعة
لقد سعى ( ديتريك رونتري ) في كتابه ( تعلم كيف تقرأ ) إلى تحديد معالم مهارات القراءة فهو ينصح بإتباع استراتيجيات في القراءة أثبتت نجاحها بكفاءة ومنها إستراتيجية ( SQ3R) في القراءة حيث أن الرمز ( SQ3R) مشتق من الأحرف الأولى للخطوات الخمس التي يتضمنها حيث أن الحرف S هو الحرف الأول من كلمة Survey بمعنى (القي نظرة ) وان الحرف Q هو الحرف الأول من كلمة Question بمعنى ( اطرح أسئلة ) أما 3R فهي الأحرف الثلاثة الأولى لثلاث كلمات تبدأ بحرف R وهي Read بمعنى ( اقرأ ) و Recall بمعنى ( تذكّر أو استذكر ) و Review بمعنى ( راجع أو استعرض ) ، ووفقاً لهذه الإستراتيجية في القراءة فانه يتوجب على الطالب أو القارئ بشكل عام الذي يريد أن تكون قراءته مثمرة أن يتبع ما يأتي :
1- أن يعرف المغزى العام لما يريد دراسته وذلك بإلقاء نظرة عامة أولية على النص .
2- أن يطرح على نفسه أسئلة بحيث يتوقع الإجابة عليها لدى انتهائه من قراءة النص .
3- أن يقرأ النص 4- أن يحاول أن يتذكر النقاط الرئيسة 5- أن يعد ويراجع النص لمعرفة كم كان بارعاً في التقاط النقاط الرئيسة .
ففي الخطوة الأولى ينصح المؤلف كل قارئ جاد عندما يتناول كتاباً معيناً أن يبدأ بإلقاء نظرة عامة عليه حيث يجب عليه أن يقوم :
أ‌- بقراءة صفحة العنوان ب- بقراءة ملاحظات المؤلف أو المقدمة ت- بقراءة لائحة المحتويات ث- تصفح سريع لمضمون الكتاب فيلاحظ القارئ أنه يحتاج لخمس دقائق لا أكثر لإلقاء نظرة جيدة شاملة على الكتاب . أما الخطوة الثانية المتمثلة بطرح الأسئلة فينصح المؤلف بأن لا يبدأ القارئ بالقراءة التفصيلية لأي نص دون أن يكون لديه أسئلة يريد إجابات لها ، فالأسئلة مهمة في عملية التعلم لأنها تعطي القارئ أو المتعلم إحساسا بالهدف وتبقيه منتبهاً له ، فالباحث النشيط لا المتصفح البليد يكون هو مصدر أسئلته ، فواحدة من فوائد إلقاء النظرة العامة التمهيدية للكتاب أو فصل معين هي أنها تعطي القارئ فرصة التفكير ببعض الأسئلة المترابطة ، فقد يجد القارئ في البداية بعض الصعوبة في وضع الأسئلة ولكن بالممارسة يصبح قادراً على ذلك بشكل أوتوماتيكي .
فإذا قرأ القارئ بأسلوب تساؤلي فان الأسئلة ستتهافت . أما الخطوة الثالثة ، فبعد الانتهاء من إلقاء النظرة العامة التمهيدية وطرح الأسئلة يجب أن يتم قراءة النص مرتين وأن تدوّن الأفكار الرئيسة استعداداً للخطوة الرابعة المتمثلة بالتذكر ، فمهمة دراسة النص لا تنتهي بالقراءة حتى وان كانت المادة سهلة جداً ، فمعظم الناس ينسون 50% مما يقرأون خلال ثوان من تركهم للكتاب إلا إذا قاموا بمحاولة فعالة لتذكرها .فعندما يبدأ بالقراءة فلا بد أن يتوقف مؤقتاً ومن حين لآخر للتساؤل عن النقاط الرئيسة التي قرأها .
قد يكون من الكافي أحياناً أن يقف في نهاية كل فصل ولكن ما لم يكن الفصل قصيراً جداً يكون من الحكمة التوقف للتذكر في نهاية كل جملة .
وبعد وضع ملاحظات عما يتذكر القارئ فانه قد أصبح الآن مستعداً للمرحلة الخامسة والأخيرة وهي المراجعة : أن يراجع كل ما عمله حتى الآن ..أما كيف يراجع ؟ إن أفضل خط يتبعه القارئ في تحركه كما ينصح المؤلف هو القيام بإعادة سريعة للخطوات السابقة :
1- إلقاء نظرة شاملة على البنية العامة للقسم أو الفصل ( مراجعة العناوين وأية ملخصات)
2- يذكّر نفسه بالأسئلة التي طرحها .. هل باستطاعته الإجابة عنها ؟ هل برزت أمامه أية أسئلة جديدة ؟
3- يعيد قراءة النص ليرى إن كان قد تذكر شيء مهم أم لا
4- يكمل تذكره بملء أية فجوات وتصحيح أية أخطاء .
ولا يمكنني تصور قراءة مثمرة أو هادفة دون وجود ورقة وقلم مع القارئ وعمل ملخصات بعد قراءة كل فصل أو موضوع وهذا ما يؤكده علم النفس التربوي الذي أخبرنا بأن كلاً منا يميل دائماً لتذكر المعلومات التي كوّنها بألفاظه وكلماته وتعبيراته الخاصة أكثر مما يتذكرها إذا قدمت له بأسلوب وبناء شخص آخر .
وتقول الحكمة العربية : ( العلم صيد والكتابة قيد ) وفي الحديث الشريف ( قيّدوا العلم بالكتابة ) .
يقول نجيب محفوظ في روايته ( السراب ) : ( تجنب القراءة إن لم يكن قربك قلم ودفتر )
لكي نضمن أقصى فائدة لتطبيق إستراتيجية SQ3R في القراءة علينا أن نتعلم طريقة القراءة السريعة من خلال دورات أعدت لهذا الغرض لا مجال لتفصيلها هنا ويمكن الاطلاع عليها من خلال فيديوهات كثيرة جداً يمكنكم الاطلاع عليها وهي طريقة مهمة جداً لأنها ستوفر لنا الوقت والجهد بحيث أنك تستطيع قراءة كتابين أو ثلاثة أو 10 بدلاً من كتاب واحد في فترة قصيرة .
يقول رجل الأعمال الأمريكي وارين بوفيت: ( لقد أهدرت 10 سنوات في القراءة البطيئة ) ويقول رائد التنمية البشرية في الوطن العربي ( د. ابراهيم الفقي ) بأنه قرأ أكثر من 7000 كتاب بمعدل كتاب لكل يوم ، وبأنه كان يقرأ الكتاب في ساعتين فقط عن طريق مهارة القراءة السريعة .
سئل فولتير يوماً : من سيقود الجنس البشري ؟ قال : الذين يعرفون كيف يقرأون ، وهذا يؤكد كون القراءة مهارة شأنها شأن باقي المهارات ،وأصبحت من مؤهلات القيادة .
كان الرئيس جون كينيدي يقرأ 1200 كلمة في الدقيقة والرئيس تيودور روزفلت يقرأ كتاباً كاملاً في اليوم قبل تناول طعام الإفطار.
ويمكن تلخيص المهارات القرائية المثمرة بالنقاط الآتية :
1- ضع خطاً تحت الفقرة الرئيسة وأنت تقرأ وستجد فكرة رئيسة واحدة على الأقل في كل فقرة .
2- تدوين الملاحظات عن هذه الأفكار
3- استذكارها ومراجعتها من حين لآخر
4- رفع معدل سرعة القراءة من خلال :
- القراءة في مكان هادئ
- اختيار الوقت المناسب
- اختيار أسلوب القراءة بحسب الهدف منها
- ممارسة القراءة كهواية
- القراءة الصامتة تحقق قدراً كبيراً من الاستيعاب
- التعرف على الكتاب يساهم في سرعة القراءة
- التمتع بالقراءة شرط أساس للاستفادة من القراءة ، لذلك لا ينبغي للقارئ أن يرغم نفسه على قراءة ما لا يحب فيفسد على نفسه لذة القراءة
- حاول أن تكشف الهيكل الأساسي للفصل الذي تقرأه والفروع التي تنبثق عنه وفي كل فقرة ستجد كلاماً هاماً وآخر هامشياً فخذ ما تراه هاماً ودوّنه في ملخص فسوف تظهر لك فكرة المؤلف بكل خطواتها الأساسية والفرعية في غاية الوضوح .وان عمل الملخصات إثناء القراءة أمر هام في عملية التعلم للطلبة وغيرهم ، ولكي تكون تلك الملخصات فعالة يجب الالتزام بما يأتي :
أ‌- تحويل المادة أو المعلومات المطروحة أمام القارئ إلى عناصر ونقاط لإبراز المعلومات الأساسية مثل :
- استخدام الخطوط تحت المعلومات المهمة
- تلوين الكلمات المهمة
- الإشارة بكلمة مهم أو غير مهم
- عمل الجداول أو الرسوم التوضيحية
ب‌- لا يكفي للمذاكرة أن تمسك كتاباً وتقرأ وتحفظ ولكن من الضروري
- أن تعرف متى تبدأ المذاكرة ومتى تنتهي
- أي مادة ستذاكرها الآن
- أي مادة ستذاكرها فيما بعد
- أي مادة ستترك لها مزيداً من الوقت عن غيرها .