انت الان في قسم علوم الفيزياء الطبية

مقالة علمية للمعيد (محمد عبد الزهره ) بعنوان "كيف يعمل الليزر: رحلة من الفيزياء النظرية إلى التكنولوجيا" تاريخ الخبر: 01/02/2025 | المشاهدات: 749

مشاركة الخبر :

الليزر هو اختراع مذهل يعتمد على مبادئ فيزيائية دقيقة، وقد أحدث ثورة في العديد من المجالات، بدءًا من الاتصالات والطب وصولاً إلى الصناعة والبحث العلمي. في هذه المقالة، سنأخذك في رحلة لفهم كيفية عمل الليزر، بدءًا من الأساسيات النظرية وحتى تطبيقاته العملية.

الأساسيات الفيزيائية لعمل الليزر

كلمة "ليزر" هي اختصار لعبارة Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation، والتي تعني "تضخيم الضوء بانبعاث الإشعاع المحفز". لفهم عمل الليزر، يجب أن نستعرض ثلاثة مفاهيم رئيسية:

الإشعاع المحفز:

اكتشف العالم ألبرت أينشتاين في عام 1917 فكرة الإشعاع المحفز، حيث تنبعث الفوتونات (جسيمات الضوء) عندما يتم تحفيز ذرات أو جزيئات معينة.

عندما يمر فوتون عبر ذرة في حالة طاقة مثارة، يمكن أن يحفزها لإطلاق فوتون آخر بنفس الطول الموجي والاتجاه. هذا يؤدي إلى تضخيم الضوء.

مستويات الطاقة:

تمتلك الذرات مستويات طاقة محددة. عندما تمتص الذرة طاقة (من الضوء أو الحرارة)، تنتقل إلكتروناتها إلى مستوى طاقة أعلى.

في الليزر، يتم تحفيز الذرات للبقاء في حالة طاقة عالية لفترة قصيرة قبل أن تُطلق فوتونات متطابقة.

التكافؤ السكاني:

لتحقيق الليزر، يجب أن يكون هناك عدد كبير من الذرات في حالة طاقة مثارة مقارنة بحالة الطاقة الأدنى. يتم تحقيق ذلك باستخدام عملية تسمى "الضخ" (Pumping).

مكونات جهاز الليزر

يتكون جهاز الليزر من عدة عناصر أساسية:

وسط الليزر (Laser Medium):

يمكن أن يكون صلبًا (مثل الياقوت)، أو سائلًا، أو غازيًا (مثل ثاني أكسيد الكربون).

الوسط هو المادة التي تنبعث منها الفوتونات.

مصدر الضخ (Pump Source):

يوفر الطاقة اللازمة لتحفيز الذرات. يمكن أن يكون ضوءًا، تيارًا كهربائيًا، أو تفاعلًا كيميائيًا.

المرايا (Mirrors):

يوجد مرآتان على طرفي الوسط: واحدة عاكسة بالكامل والأخرى شبه شفافة.

هذه المرايا تعكس الضوء داخل الوسط عدة مرات لتضخيم الفوتونات.

الخرج (Output Coupler):

الفوتونات تضخم داخل الجهاز، وعندما تصل إلى مستوى معين، تخرج حزمة الليزر من خلال المرآة شبه الشفافة.

مراحل عمل الليزر

الضخ (Pumping):

يتم تزويد الوسط بالطاقة لرفع الذرات إلى مستويات طاقة أعلى.

الإصدار التلقائي (Spontaneous Emission):

تبدأ بعض الذرات بإطلاق فوتونات تلقائيًا أثناء عودتها إلى حالة طاقتها الأدنى.

الإصدار المحفز (Stimulated Emission):

الفوتونات المنبعثة تحفز ذرات أخرى لإطلاق فوتونات إضافية بنفس الطول الموجي والطور.

التضخيم والتوجيه:

الفوتونات تعكس بين المرايا، مما يضخمها أكثر.

الإطلاق (Emission):

جزء من الضوء يخرج كحزمة ليزر مركزة عبر المرآة شبه الشفافة.

خصائص شعاع الليزر

أحادي الطول الموجي (Monochromatic):

شعاع الليزر يتكون من لون واحد أو طول موجي واحد، مما يجعله مميزًا مقارنة بالضوء العادي.

اتجاهي (Directional):

شعاع الليزر يخرج في اتجاه واحد بخط مستقيم.

متماسك (Coherent):

الفوتونات في شعاع الليزر تتحرك بنفس الطور والاتجاه.

شدة عالية (High Intensity):

طاقته المركزة تجعله قويًا جدًا مقارنة بالضوء العادي.

تطبيقات الليزر

في الطب:

يُستخدم في جراحة العيون (تصحيح النظر)، إزالة الشعر، وعلاج الأورام.

في الصناعة:

يُستخدم في تقطيع ولحام المعادن.

في الاتصالات:

الألياف البصرية تعتمد على الليزر لنقل البيانات بسرعة.

في الأبحاث العلمية:

يُستخدم في دراسة الظواهر الدقيقة مثل التداخل والحيود.

في الأجهزة اليومية:

مشغلات الأقراص المدمجة، الطابعات الليزرية، وأجهزة قياس المسافات.

الخلاصة

الليزر هو أحد أعظم الابتكارات في القرن العشرين، حيث يجمع بين الفيزياء النظرية والتكنولوجيا العملية. من خلال فهم كيفية عمله، يمكننا تقدير دوره الكبير في حياتنا اليومية وفي التقدم العلمي والصناعي. بفضل الليزر، أصبح المستقبل أكثر إشراقًا وتركيزًا.