انت الان في قسم علوم الفيزياء الطبية

مقالة علمية للمعيد ( امير صبحي اسماعيل ) بعنوان " هل غيّرت التكنولوجيا طبيعة الإنسان؟ " تاريخ الخبر: 13/04/2025 | المشاهدات: 74

مشاركة الخبر :

منذ فجر التاريخ، والإنسان في سعيٍ دائم لتطوير أدواته وتقنياته من أجل تسهيل حياته والتكيف مع محيطه. ومع القفزة التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، لم تعد التكنولوجيا مجرّد أدوات مساعدة، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الكيان الإنساني، تفرض نفسها على طريقة التفكير، وأساليب العيش، وحتى على منظومة القيم والعلاقات الاجتماعية. وهذا يطرح سؤالاً محورياً: هل غيّرت التكنولوجيا طبيعة الإنسان؟

الطبيعة البشرية قبل التكنولوجيا الحديثة
الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، عاطفي، مفكر، يميل إلى التفاعل الجسدي والمباشر، ويعتمد على الحواس والخبرة الشخصية في فهم العالم. هذه الطبيعة شكّلت أساس العلاقات الإنسانية، والأنظمة الاجتماعية، وحتى طرق التعليم والعمل والتفكير.

التكنولوجيا وتغيير أنماط السلوك
مع تطور التكنولوجيا، بدأت أنماط السلوك الإنساني بالتغير. أصبحت الأجهزة الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية، تحتل حيزاً كبيراً من وقت الإنسان واهتمامه. التواصل الإنساني، الذي كان يعتمد على التفاعل المباشر، تحوّل إلى "محادثات رقمية"، قد تفتقر إلى العاطفة، ونبرة الصوت، ولغة الجسد. حتى الأطفال اليوم، ينشأون في بيئة رقمية تسبق في تأثيرها البيئة العائلية أو المدرسية.

التكنولوجيا والدماغ البشري
تشير دراسات علم الأعصاب إلى أن الاستخدام المتكرر للتكنولوجيا، خصوصاً الهواتف الذكية، يؤثر على تركيز الإنسان، ويزيد من التشتت الذهني، وقد يغيّر من طريقة عمل الدماغ، خاصة في مناطق مثل الذاكرة قصيرة المدى واتخاذ القرار. هذا يعني أن التكنولوجيا لا تغيّر فقط السلوك، بل تؤثر على طريقة التفكير نفسها.

تغيّر القيم والمفاهيم
من أبرز مظاهر تأثير التكنولوجيا على طبيعة الإنسان، هو تغيّر المفاهيم والقيم. فمثلاً، مفهوم الخصوصية تغيّر، وأصبح الكثيرون يشاركون تفاصيل حياتهم اليومية عبر الإنترنت. كذلك تغيّر مفهوم "الوقت"، فباتت السرعة والاستجابة الفورية معياراً للجودة، حتى على حساب العمق والتمعّن.

هل هو تغيّر سلبي؟
ليس بالضرورة. فالتكنولوجيا فتحت آفاقاً جديدة للعلم، والتعليم، والتواصل، ووفّرت فرصاً هائلة للتطور. لكنها بالمقابل، تتطلب وعياً حقيقياً لإدارة تأثيرها، وتحديد حدود استخدامها، حتى لا يتحول الإنسان إلى كائن يعتمد بالكامل على الآلة، ويفقد طبيعته الأصيلة.

خاتمة
نعم، يمكن القول إن التكنولوجيا قد غيّرت الكثير من جوانب الطبيعة الإنسانية، لكن هذا التغيير ليس قدراً حتمياً. تبقى حرية الإنسان ووعيه هما العامل الأساسي في تحديد العلاقة مع التكنولوجيا. فإما أن تكون أداة في يده، أو يصبح هو أداتها.


جامعة المستقبل الجامعة الأولى في العراق .

موقع جامعة المستقبل