مقدمة
يُعد علم الميكانيك أحد الفروع الأساسية في الفيزياء، حيث يختص بدراسة حركة الأجسام والقوى المؤثرة عليها. أما الفيزياء الطبية، فهي علم تطبيقي يدمج المفاهيم الفيزيائية في خدمة الطب، من خلال تطوير وسائل التشخيص والعلاج. ومن هذا المنطلق، يظهر ارتباط وثيق بين الميكانيك والفيزياء الطبية، خصوصًا في مجالات الميكانيكا الحيوية، وتصميم الأجهزة الطبية، وتحليل حركيات الجسم البشري.
الميكانيك الحيوي (Biomechanics) كحلقة وصل
الميكانيك الحيوي هو أحد التطبيقات المباشرة للميكانيك في الفيزياء الطبية، حيث يُعنى بدراسة القوى والحركات داخل الجسم البشري. يتم تحليل سلوك العظام والمفاصل والعضلات باستخدام قوانين نيوتن للحركة، ما يُساعد في:
تصميم الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية.
تحسين الأداء الحركي في إعادة التأهيل والعلاج الفيزيائي.
تقييم تأثير الإصابات الرياضية أو الجراحات على وظائف الجسم.
تطبيقات الميكانيك في تشخيص الأمراض
تلعب الميكانيكا دورًا مهمًا في تطوير تقنيات التصوير الطبي، مثل:
تصوير الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): يعتمد على فهم حركة وانتشار الموجات الميكانيكية في الأنسجة.
الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI): تُستخدم فيه نماذج ميكانيكية لتحليل تدفق الدم واستجابة الأنسجة العصبية.
Elastography: تقنية تصويرية تعتمد على قياس صلابة الأنسجة من خلال تحليل سلوكها الميكانيكي تحت الضغط، وتستخدم للكشف عن الأورام.
الميكانيكا في العلاج والتأهيل
الميكانيك لا يقتصر فقط على التشخيص، بل يمتد إلى العلاج والتأهيل، مثل:
العلاج الفيزيائي: يتم استخدام قوانين الحركة لتحليل الأنماط الحركية وتصميم تمارين علاجية مناسبة.
الروبوتات الطبية: تعتمد على النماذج الميكانيكية لتوفير دعم حركي للمرضى المصابين بالشلل أو إصابات العمود الفقري.
العلاج بالموجات التصادمية (Shockwave Therapy): يعتمد على ميكانيكا الموجات في تحفيز التئام الأنسجة والعظام.
تصميم الأجهزة الطبية
يعتمد تصميم الأجهزة الطبية، مثل الكراسي المتحركة، أجهزة تثبيت العمود الفقري، وأجهزة قياس الضغط، على تحليل القوى المؤثرة على الجسم. كذلك فإن فهم الإجهادات والانفعالات في المواد البيولوجية ضروري لتطوير مواد تحاكي الأنسجة الطبيعية من حيث المرونة والصلابة.
خاتمة
يمثل التكامل بين علم الميكانيك والفيزياء الطبية نموذجًا واضحًا للتداخل بين التخصصات العلمية بهدف خدمة الإنسان. فمن خلال هذا الربط، يمكن الوصول إلى أدوات أكثر دقة في التشخيص، وطرق أكثر فعالية في العلاج، وتصاميم أكثر توافقًا مع طبيعة الجسم البشري. لذا، فإن الاستثمار في هذا التداخل العلمي يُعد ضرورة ملحة لمواكبة التطور في الرعاية الصحية الحديثة.
جامعة المستقبل الجامعه الاولى في العراق .
موقع جامعة المستقبل