انت الان في قسم علوم الفيزياء الطبية

مقالة علمية لمقرر قسم الفيزياء الطبية ( الدكتور مخلد علي ) بعنوان " الموصلية الفائقة: مستقبل الطاقة بدون فقدان؟ " تاريخ الخبر: 20/06/2025 | المشاهدات: 57

مشاركة الخبر :

في عالمٍ يزداد فيه الطلب على الطاقة النظيفة والفعّالة، تبرز الموصلية الفائقة كأحد أكثر الاكتشافات الفيزيائية وعدًا بثورة في أنظمة نقل وتخزين الكهرباء. فما هي هذه الظاهرة الغريبة؟ وهل يمكن أن تكون مفتاحًا لمستقبل بلا فقدان في الطاقة؟

ما هي الموصلية الفائقة؟
الموصلية الفائقة (Superconductivity) هي خاصية لبعض المواد، عند تبريدها إلى درجات حرارة منخفضة جدًا، تسمح بمرور التيار الكهربائي دون أي مقاومة كهربائية تُذكر. وهذا يعني أن الطاقة لا تُفقد على شكل حرارة، كما هو الحال في المواد الموصلة العادية مثل النحاس أو الألمنيوم.
تم اكتشاف هذه الظاهرة لأول مرة عام 1911 على يد الفيزيائي الهولندي هايكه كامرلينج أونس، عندما لاحظ اختفاء المقاومة الكهربائية في الزئبق عند تبريده إلى أقل من 4.2 كلفن (-269 درجة مئوية تقريبًا).

أهمية تقليل الفاقد الكهربائي
في شبكات الكهرباء التقليدية، تُهدر نسبة كبيرة من الطاقة (تصل أحيانًا إلى 10%) بسبب المقاومة في الأسلاك والمحولات. مع استخدام الموصلات الفائقة، يمكن تقليل هذا الهدر إلى الصفر تقريبًا، ما يعني:
• كفاءة أعلى في نقل الطاقة لمسافات طويلة
• تقليل الحاجة إلى محطات كهرباء قريبة من مناطق الاستهلاك
• دعم أفضل لمصادر الطاقة المتجددة المتغيرة كالشمس والرياح

تطبيقات الموصلية الفائقة
رغم التحديات التقنية، بدأت بعض التطبيقات الفعلية للموصلية الفائقة بالظهور:
• قطارات ماجليف (Maglev): تستخدم مغناطيسات فائقة التوصيل لرفع القطار عن السكة، مما يقلل الاحتكاك ويزيد السرعة.
• المجهرات المغناطيسية الطبية (MRI): تعتمد على مغناطيسات فائقة التوصيل لتوليد مجالات مغناطيسية قوية وثابتة.
• محطات الطاقة النموذجية: بدأت بعض الدول بتجربة استخدام أسلاك فائقة التوصيل في الشبكات الكهربائية.

التحديات أمام استخدام الموصلات الفائقة
رغم الآفاق الواعدة، ما تزال هناك عوائق:
1. درجات الحرارة المنخفضة جدًا: معظم المواد الفائقة التوصيل تتطلب التبريد بالهيليوم السائل، وهو مكلف ومعقد.
2. الهشاشة وصعوبة التصنيع: المواد فائقة التوصيل عادةً ما تكون سيراميكية وهشة، مما يصعب استخدامها في البيئات العملية.
3. التكلفة العالية: إنتاج وتبريد هذه المواد ما يزال مكلفًا، ما يعيق الانتشار الواسع للتقنية.

الموصلية الفائقة ذات الحرارة العالية
في عام 1986، أحدث اكتشاف السيراميك الفائق التوصيل في درجات حرارة "أعلى" (حوالي -135 درجة مئوية) ثورة في الأبحاث. وما تزال الجهود مستمرة لاكتشاف مواد فائقة التوصيل تعمل في درجات حرارة الغرفة، وهو ما سيكون بمثابة "الكأس المقدسة" في الفيزياء الحديثة
هل نحن على أعتاب ثورة؟
في عام 2023، ادّعى فريق علمي من كوريا اكتشاف مادة فائقة التوصيل عند درجة حرارة وضغط عاديين (LK-99)، ما أثار ضجة عالمية. ورغم عدم تأكيد التجربة، فإنها تعكس شدة السعي العلمي نحو حلم الموصلية الفائقة العملية.

الخاتمة
الموصلية الفائقة تمثل أملًا كبيرًا في مستقبل خالٍ من الهدر الطاقي، لكنها في الوقت الحالي ما تزال رهينة المختبرات والتجارب المتقدمة. ومع استمرار التقدم العلمي، ربما نشهد خلال العقود القادمة ثورة في أنظمة الطاقة، يكون فيها الفقد صفرًا، والكفاءة هي القاعدة، لا الاستثناء.




جامعة المستقبل الجامعه الاولى في العراق .

موقع جامعة المستقبل