المقدمة:

تُعد جرائم السبّ والشتم من الجرائم التي تمس كرامة الإنسان وسمعته، وتشكل اعتداءً على الاعتبار الشخصي والمعنوي للفرد. ومع تطور وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، ازدادت هذه الجرائم انتشاراً، سواء في الحياة الواقعية أو عبر الفضاء الإلكتروني، مما استوجب تنظيمها قانونيًا لحماية الأفراد من التعدي اللفظي والمعنوي.
تهدف هذه المقالة إلى بيان مفهوم جرائم السب والشتم، وتمييزها عن الجرائم القريبة منها، واستعراض النصوص القانونية التي تنظمها في العراق، مع عرض بعض الجوانب الإجرائية والواقعية المرتبطة بها.

⸻

أولًا: تعريف جرائم السبّ والشتم

1. السبّ:

السبّ هو إسناد واقعة أو إطلاق تعبير فيه إهانة أو تحقير لشخص معيّن، سواءً كانت هذه الواقعة صحيحة أو غير صحيحة، بطريقة تمس شرفه وكرامته.

2. الشتم:

الشتم هو استخدام ألفاظ نابية أو مهينة دون إسناد واقعة محددة، ويُعد تعبيرًا عن الاحتقار أو الإهانة، وغالبًا ما يُقال في لحظة غضب أو انفعال.

⸻

ثانيًا: التكييف القانوني لجرائم السب والشتم في العراق

ينظم قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 هذه الجرائم، وتحديدًا في الباب الثالث - الجرائم الواقعة على السمعة.

1. المادة (433): القذف
• يعاقب كل من قذف غيره بإسناد واقعة معينة بإحدى وسائل العلانية بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.

2. المادة (434): السبّ
• يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة أو بإحدى العقوبتين كل من سبّ غيره بما يخدش شرفه أو اعتباره دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة.

3. المادة (435): الشتم
• تنص على أنه إذا وقع السبّ أو الشتم في مواجهة المجني عليه أو في محفل عام أو بواسطة وسائل الإعلام، تكون العقوبة أشد.

⸻

ثالثًا: أركان الجريمة

لجريمة السب أو الشتم ثلاثة أركان رئيسية:
1. الركن المادي:
• يتمثل في إتيان الفعل (كقول كلمة مهينة، أو نشر تعليق مسيء، أو توجيه ألفاظ نابية).
• قد يتم الشتم شفهيًا، أو كتابيًا، أو عبر وسائل إلكترونية.
2. الركن المعنوي:
• يتطلب القصد الجنائي؛ أي أن الجاني كان يعلم أن ما يصدر عنه فيه إساءة مقصودة.
3. الركن القانوني:
• وجود نص قانوني يُجرّم هذا الفعل (كما في المواد أعلاه من قانون العقوبات).

⸻

رابعًا: جرائم السب والشتم عبر الإنترنت

مع ازدياد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت جرائم السبّ الإلكتروني، وقد تكون أكثر ضرراً نظراً للانتشار الواسع.
• لا يوجد حتى الآن قانون خاص بالجريمة الإلكترونية في العراق نافذ بصورة رسمية، لكن مشروع قانون الجرائم المعلوماتية (الذي نوقش عدة مرات) يتضمن مواد تعاقب على السب والشتم عبر الإنترنت.
• في ظل غياب قانون خاص، يُطبق قانون العقوبات بالقياس، وتُعد المنشورات المسيئة على “فيسبوك” أو “واتساب” أو غيرها خاضعة لنفس العقوبات.

⸻

خامسًا: الدفوع القانونية في قضايا السب والشتم
1. الحق في الدفاع المشروع: إذا ثبت أن المتهم ردّ على إساءة سابقة.
2. حسن النية: في بعض الحالات، كأن يكون النقد بناءً أو في إطار المصلحة العامة.
3. غياب القصد الجنائي: إذا كانت الألفاظ عفوية وغير مقصودة.

⸻

سادسًا: أثر الجريمة على المجتمع
• الإضرار بسمعة الأفراد.
• تفكك العلاقات الاجتماعية.
• ازدياد حالات العنف والانتقام.
• تكدس المحاكم بقضايا مدنية وجنائية ناتجة عن إساءات لفظية.

⸻

الخاتمة:

تمثل جرائم السبّ والشتم انتهاكاً خطيراً لحرمة الأفراد المعنوية، ويجب التصدي لها قانونياً وثقافيًا.
وينبغي تشديد الرقابة القانونية والإعلامية على المحتوى المنشور عبر الفضاء الرقمي، إلى جانب نشر ثقافة التسامح واحترام الآخر. كما يتطلب الأمر الإسراع في إصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لضمان حماية كرامة الأفراد في العصر الرقمي


جامعة المستقبل الجامعه الاولى في العراق .

موقع جامعة المستقبل