تُعَدّ العادات من أكثر السلوكيات تأثيرًا في حياة الإنسان، فهي تشكّل ما يقارب 40% من أفعالنا اليومية وفقًا لدراسات علم النفس السلوكي. والعادة هي سلوك يتكرر بصورة منتظمة حتى يصبح يُنفَّذ تلقائيًا دون وعي كامل من الفرد. وتكمن أهميتها في كونها الأداة التي تُمكِّن الإنسان من تنظيم حياته وتوجيه طاقته نحو المهام الأكثر أهمية.

الأساس العلمي لتكوّن العادات

تشير الأبحاث العصبية إلى أنّ العادات تتكوَّن داخل منطقة في الدماغ تُعرف باسم العُقَد القاعدية (Basal Ganglia)، وهي المسؤولة عن تخزين الأنماط السلوكية المتكررة. عند تكرار سلوكٍ معين في ظروف ثابتة، يُنشئ الدماغ ما يُعرف بـ “حلقة العادة” وتتكوَّن من ثلاث مراحل:
1. الإشارة (Cue): الموقف أو الوقت الذي يثير السلوك.
2. الروتين (Routine): السلوك نفسه.
3. المكافأة (Reward): الشعور الإيجابي الذي يعزز الرغبة في تكرار السلوك.

بمرور الوقت، يصبح هذا التسلسل تلقائيًا، فلا يحتاج الفرد إلى جهدٍ ذهني كبير لأدائه.

تأثير العادات على الأداء اليومي

العادات الجيدة مثل ممارسة الرياضة، تناول الطعام الصحي، أو القراءة اليومية تساهم في تحسين الصحة الجسدية والنفسية، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز الثقة بالنفس.
في المقابل، العادات السلبية مثل السهر المفرط أو تناول الأطعمة غير الصحية تؤدي إلى تدهور الأداء، واضطراب النوم، وضعف التركيز.

كيف نغيّر العادات؟

تُظهِر الدراسات أنّ تغيير العادات لا يتطلّب “إلغاءها” بل استبدالها. أي الحفاظ على نفس الإشارة والمكافأة، وتغيير السلوك الوسيط (الروتين).
على سبيل المثال، إذا كانت العادة هي تناول وجبة خفيفة عند الشعور بالملل، يمكن استبدالها بالمشي القصير أو شرب الماء.
كما تشير الأبحاث إلى أنّ مدة 21 إلى 66 يومًا من التكرار المستمر كافية لتثبيت عادة جديدة أو كسر عادة قديمة.

الخلاصة

قوة العادات تكمن في تأثيرها العميق على كل جانب من جوانب حياتنا. فالعادات ليست مجرد أفعالٍ صغيرة متكررة، بل هي اللبنات الأساسية لشخصيتنا ونجاحنا اليومي. لذا، عندما نختار بناء عادات إيجابية والمحافظة عليها، فإننا في الواقع نصنع نسخة أفضل من أنفسنا، خطوة بعد خطوة، حتى تصبح التميز عادة بحد ذاته.


جامعة المستقبل الجامعه الاولى في العراق .

موقع جامعة المستقبل