المقدمة:
تُعدّ الفيزياء الطبية من العلوم الأساسية التي تربط بين مبادئ الفيزياء وتطبيقاتها في المجال الطبي لخدمة صحة الإنسان. ومع التطور التكنولوجي الكبير في التشخيص والعلاج، أصبح تأثير البيئة على الطب البشري من الجوانب المهمة التي لا يمكن تجاهلها، خصوصًا في ظل التغيرات البيئية المتسارعة مثل التلوث الإشعاعي، والمغناطيسي، والحراري، وغيرها.

يهدف هذا المقال إلى توضيح كيفية تداخل العوامل البيئية مع الطب البشري من منظور الفيزياء الطبية، وتأثيرها على صحة الإنسان وتشخيص الأمراض وعلاجها.

العلاقة بين البيئة والطب البشري:
تلعب البيئة دورًا جوهريًا في صحة الإنسان، إذ يتعرض الجسم البشري يوميًا لمجموعة من المؤثرات الفيزيائية مثل الإشعاع الطبيعي، الموجات الكهرومغناطيسية، والحرارة. هذه العوامل يمكن أن تكون مفيدة إذا استُخدمت بشكل منضبط في المجال الطبي، أو ضارة إذا تجاوزت الحدود المسموح بها.
على سبيل المثال، الإشعاع المؤين يُستخدم في الطب لتصوير الأنسجة (كالأشعة السينية والتصوير المقطعي)، لكنه في الوقت نفسه يمكن أن يسبب أضرارًا خلوية إذا لم يُتحكم بجرعاته.

تأثير الإشعاع البيئي في الطب البشري:
تُعدّ الإشعاعات من أكثر المؤثرات البيئية دراسةً في الفيزياء الطبية.
الإشعاع الطبيعي: يأتي من التربة، والهواء، والماء، والمصادر الكونية. هذه الإشعاعات غالبًا منخفضة المستوى، ولكن التعرض المزمن لها قد يسبب تراكم طاقة إشعاعية داخل الجسم تؤثر على الخلايا.

الإشعاع الصناعي والطبي:
يُستخدم في العلاج الإشعاعي وتشخيص الأمراض السرطانية، ومع ذلك فإن التعرض الزائد له قد يؤدي إلى طفرات جينية أو أمراض ناتجة عن تلف الحمض النووي.

التداخل الكهرومغناطيسي وتأثيره:
في حياتنا اليومية، تحيط بنا مجالات كهرومغناطيسية ناتجة عن الهواتف المحمولة، وأبراج الاتصالات، والأجهزة الطبية.
الفيزياء الطبية تهتم بدراسة تأثير هذه الموجات على الأنسجة الحيوية. ورغم أن معظمها غير مؤين، فإن التعرض الطويل لمستويات مرتفعة قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأنسجة أو اضطراب النشاط العصبي. لذلك تُطبق معايير أمان دولية لحماية المرضى والعاملين في المرافق الطبية.

تأثير العوامل الحرارية والضوضاء:
تلعب الحرارة والضوضاء البيئية دورًا غير مباشر في الصحة العامة.
الحرارة: ارتفاع درجة الحرارة قد يؤثر على دقة الأجهزة الطبية الحساسة مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي.
الضوضاء: يمكن أن تؤثر على دقة القياسات الفيزيولوجية في المختبرات، إضافة إلى تأثيرها النفسي والجسدي على المرضى والعاملين.

دور الفيزياء الطبية في الحد من تأثير البيئة
يقوم اختصاصيو الفيزياء الطبية بتطبيق تقنيات وأجهزة متقدمة لمراقبة الجرعات الإشعاعية وضمان سلامة المرضى. كما يتم تحليل التلوث الإشعاعي في المستشفيات وتحديد مستويات الأمان البيئي.
من خلال تطوير معايير الحماية الإشعاعية والتحكم بالموجات الكهرومغناطيسية، تُسهم الفيزياء الطبية في جعل العلاقة بين البيئة والطب أكثر توازناً وأماناً.

الخاتمة:
إن التداخل بين البيئة والطب البشري في مجال الفيزياء الطبية يُعدّ من المواضيع الحيوية التي تسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وحماية الإنسان من الأخطار البيئية.
فكل تقدم طبي يعتمد على فهم دقيق للبيئة الفيزيائية المحيطة بنا، وتوظيفها لخدمة الإنسان لا للإضرار به. لذا، يبقى التعاون بين علماء البيئة والأطباء والفيزيائيين الطبيين ضرورة ملحّة لتحقيق صحة مستدامة ومجتمعٍ أكثر أمانًا.

جامعة المستقبل الجامعه الاولى في العراق .


موقع جامعة المستقبل