انت الان في كلية الصيدلة

مقالة بعنوان ( ما الذي يمكن فعله مستقبلا لضمان حقوق المراة؟) بقلم م.د شيرين محمد مكي الحسيني/ رئيس لجنة تمكين المراةفي كلية الصيدلة/ جامعة المستقبل تاريخ الخبر: 27/03/2024 | المشاهدات: 315

مشاركة الخبر :

يحتاج العراق لكي ينهض وينافس الدول الأخرى, الى شراكة حقيقية بين الرجال والنساء شراكة تضع الوطن كحجر أساس تبني عليه تطلعاتها وطموحاتها. أذ تساهم المساواة بين الجنسين في النهوض باقتصادات المجتمعات والتنمية المستدامة، مما يضمن حياةً أفضل للمجتمع ككل.
49.7% هي نسبت الإناث في العراق, حرفيا تمثل النساء نصف سكان العراق، فماذا يمكن أن يكون المصير إذا كان هذا النصف من سكان العراق يعاني من التمييز الاجتماعي والعائلي والاقتصادي وأنواع أخرى من الصعوبات لمجرد كونك أنثى؟
من البديهي, لا يمكن أن يتطور مجتمع أو بلد عندما يكون النصف من مواطنيه غير متطور. و لضمان تطور هذا النصف فلابد من ضمان الحقوق بهدف أداء أكمل للواجبات.
و في هذا الأطارو خدمة لتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة و ضمان المساواة بين الجنسين فقد تم أجراء دراسة أحصائية على منتسبي كلية الصيدلة/ جامعة المستقبل تناولت في أحد جوانبها توجيه السؤال للمشتركين حول ما الذي يمكن فعله مستقبلا لضمان حقوق المراة لتسليط الضوء على ما تراه هذه الفئة من أفكار لتحقيق الضمان المطلوب. و قد تراوحت هذه الأفكار ضمن واحدة من ثلاث منظومات: الدينية، القانونية، أو الأجتماعية كما سيتم تناولها أدناه:
أولا:
المنظومة الدينية: تطبيق مفاهيم الشارع المقدس عمليا و علميا حيث اغلب هذه المفاهيم هي اما تطبق بصورة مغلوطة عند البعض او مهملة و ثانوية عند البعض الاخر.
أولى الاسلام المرأة اهتماماً كبيراً ونظر اليها نظرة تكريم واعتزاز، فالمرأة في الاسلام هي الام والاخت والعمة والخالة والجدة والزوجة وشريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة ، وقد كلفها الله مع الرجل بمهمة الاستخلاف في الارض، وقد كرم الاسلام المرأة وأعطاها حقوقاً كانت تفتقدها قبل الاسلام ، كما منحها حقوقاً لم تمنحها لها الاديان الأخرى ، وأول هذه الحقوق وأهمها حق الحياة ، فحرم قتلها وقال تعالى ((وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ - بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ )) سورة التكوير اية (8).
كما اعطاها حق المساواة فساواها في الحق مع غيرها كما في قوله تعالى ((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)) سورة البقرة (228).
وقد راعت الشريعة الاسلامية الفروقات بين الذكر والانثى وبناءاً على هذه الفروقات وضع الاسلام الأطر التي تحكم علاقة المرأة بالرجل وحدد حقوق كل منهما وواجباته تجاه الاخر.
ثانيا:
المنظومة القانونية: وضع القوانين الصارمة التي من شانها الحد من حالات العنف الأسري و حالات الطلاق التعسفي و تشريع القوانين اللازمة لضمان حقوق المراة في مثل هذه الحالات بالأضافة الى زيادة الوعي بنظرة الشارع المقدس الى مفهوم تعدد الزوجات و ضرورة العمل على ضمان العدل بين الزوجات في حالة التعدد.
ان من واجب المشرع العراقي الوقوف بحزم ضد العنف الأسري في النظام العراقي الحالي والإسراع بإقرار مسودة مشروع قانون مناهضة العنف الأسري ، وقد تناولت بعض التشريعات العراقية هذه المسألة مثل القانون العقوبات رقــم 111 لعـام 1969 المعدل ، قـانون الأحـوال الشخــصية العــراقـي المرقــم 188 لعام 1959 ، قـانون رعايـة الأحـداث رقـم 76 لعام 1983.
كما يعد الطلاق من الظواهر الاجتماعية التي لم تخل منها المجتمعات الماضية ولا الحاضرة على اختلاف في طرق وأدوات الإيقاع . فالطلاق الذي شرعه الله تعالى كان لأسباب معينة خاصة عندما تنتهي العلاقة بين الزوجين الى طريق مسدود لا مناص من الطلاق ، لكنه اصبح في ظل المجتمعات المعاصرة خاصة العربية منها والإسلامية ظاهرة مألوفة جداً بل ومنعطفاً خطيراً نحو استعمال هذه الوسيلة التي اعتبرها الباري عز وجل ابغض الحلال هو لاتفه الأسباب واقل المشاكل ما ضاعف من عدد حالات الطلاق حتى بات القضاء العراقي يسجل في السنوات الخمسة الأخيرة عشرات الالاف من حالات تصديق الطلاق وهذه تسمى بأعداد الطلاق الرسمية ناهيك عن الاعداد الأخرى التي تقع ولا تسجل خاصة في الأرياف والقرى النائية او القبائل الرحل ومن في حكمهم.
تعتبر الحركات النسوية قوانين الأحوال الشخصية مؤشر مهماً يحدد وضع المرأة داخل المجتمع، وبنفس الوقت يوفر الضمانة والحماية لأي حقوق مكتسبة، حتى وان كانت خجولة أو جاءت بغفلة من الزمن. الا أن تأطير الحقوق بالقانون لا يعني بالضرورة تطبيقها على ارض الواقع، ورغم أن القانون العراقي جاء بنية التطور والإصلاح – وما يزال هو الأفضل من بين قوانين المنطقة - فهو لم يحرك ساكناً أمام التغييرات المستمرة في حياة وواقع والنساء أحتياجاتهنً.
ثالثا:
المنظومة الأجتماعية: كالتوعية بحقوق المرأة كركن مهم من اركان المجتمع و الطريقة الواعية للحصول على هذه الحقوق و المطالبة بها عن طريق ارتفاع تقييم الذات و تطوير المهارات العمليةالتي تسمح بزيادة كفاءتها و فرص عملها و أجور هذا العمل ، كما ينطوي هذا الجانب على التوعية بطرق التربية الحديثة الذي من شأنه أعداد جيل واع و مسلح بكل ما يحتاجه للمطالبة بالحقوق و أداء الواجبات على أتم وجه.
و في ذات المجال لا يمكن أغفال الدور المهم الذي يلعبه زيادة وعي الرجل بالطاقات النسائية و أستغلالها بكل ما يرقى بالمجتمع الى ابهى صورة.
ففي الوقت الذي يتصدر الحديث عن تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا، تغفل أحيانا بعض المؤسسات المعنية في شؤون المرأة عن جوهر المشكلة الحقيقية وهي تمكين المرأة مجتمعيا وأسريا أولا، لتتمكن بعد ذلك من النجاح على كافة الأصعدة. تعاني المرأة في أحيان كثيرة من "عدالة مفقودة" في البيت ما بينها وبين أشقائها حتى في أبسط الأشياء، وينسحب الأمر كذلك على تهميش رجال لزوجاتهم وحرمانهن من أبسط الحقوق، لينسحب ذلك على مجمل التفاصيل. التحديات الكبيرة التي تواجهها المرأة في كافة المجالات وفي مواقع تواجدها، تكشف النقاب عن ضرورة أن يبدأ تمكين المرأة من بيتها، وفق خبيرات ومتخصصات أكدن لـ"الغد" أن إيمان المجتمع بدورها وثقة الأسرة بقوتها وقدرتها على التغيير، هي الوصفة لتمكينها في كافة المجالات واستمرارية مشاركتها. تغيير النظرة المجتمعية وثقافة المجتمع حول دور المرأة والإيمان بحقوقها ورفع وعي أسرتها بأدوارها المفصلية ومشاركتها الفاعلة؛ حجر الأساس في تمكينها ليتسنى بعدها الحديث عن تمكينها سياسيا وإقتصاديا.
و لو نظرنا الى كل ما سبق نظرة شاملة نجد أن هذه المنظومات تكمل احداها الخرى أذ لا يمكن تحقيق التمكين الأجتماعي في ظل تحجيم أحكام الدين الأسلامي او تطبيقها بشكل خاطئ كما لا يمكن ذلك دون حماية القانون الذي شأنه منذ الأزل هو رسم حدود الفرد و تقييد تعامله مع المحيط بما يضمن العيش الصحي و السلمي.