يشهد مجال تحليل الصوت واللغة بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي تطورًا ملحوظًا، جعله من أبرز الاتجاهات الحديثة في تشخيص الأمراض العقلية. يقوم هذا المجال على دراسة أنماط الكلام، ونبرة الصوت، وسرعة الحديث، والمفردات المستخدمة من قبل المرضى، للكشف عن اضطرابات مثل الاكتئاب والقلق والفصام.

من خلال تقنيات التعلم العميق، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الصوتية واللغوية ورصد التغيرات الدقيقة التي قد لا تُكتشف بسهولة عبر الفحوصات التقليدية. فقد بينت الدراسات أن مرضى الاكتئاب يميلون إلى استخدام كلمات تعبّر عن الحزن والعزلة، بينما يُظهر المصابون بالفصام اضطرابًا في بناء الجمل وتغيرًا في سرعة الحديث وإيقاعه.

كما تُستخدم خوارزميات التعلم الآلي لمقارنة بيانات المريض الحالية مع قواعد بيانات وسجلات سابقة، مما يتيح للأطباء تقييم مدى تطور الحالة النفسية بدقة، والتنبؤ بإمكانية تفاقمها. وتتميز هذه الأنظمة بقدرتها على تتبع التغيرات الصوتية واللغوية بمرور الوقت، مما يوفر صورة شاملة عن تطور الحالة العقلية للمريض.

ورغم هذه الإمكانات الواعدة، لا يزال المجال يواجه تحديات تتعلق بمستوى دقة التشخيص، وحماية خصوصية المرضى، والحاجة إلى دعم النتائج بتحاليل سريرية إضافية لضمان الموثوقية. ومع ذلك، يُعد تحليل الصوت واللغة بواسطة الذكاء الاصطناعي خطوة مهمة نحو تعزيز التشخيص المبكر للأمراض العقلية، وتمكين الأطباء من التدخل العلاجي في الوقت المناسب.

ومع استمرار التطور التقني، من المتوقع أن يصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية لا تقتصر على الكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية، بل تمتد إلى مراقبة الحالة الذهنية للمريض باستمرار وتقديم تحليلات تسهم في تطوير استراتيجيات علاجية أكثر دقة وفاعلية.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق.

https://www.un.org/sustainabledevelopment/ar/education/