م.م فاطمة مسلم
المقدمة
تعد المياه الجوفية أحد العوامل الحيوية المؤثرة في سلوك التربة الهندسي، خاصة في المناطق الساحلية حيث تقترب مستويات المياه الجوفية من سطح الأرض. تؤثر هذه المياه على قدرة التربة على تحمل الأحمال وتزيد من احتمالية الانهيارات أو الهبوط غير المتساوي للأساسات.
وبالتالي، يعد تقييم تأثير المياه الجوفية خطوة أساسية في تصميم الأساسات والمشاريع الإنشائية الساحلية، لضمان السلامة والاستقرار على المدى الطويل.
خصائص التربة في المناطق الساحلية
تتميز التربة الساحلية بوجود رمال طينية، طميية، ورمال بحرية متوسطة إلى دقيقة الحبيبات، غالبًا مشبعة بالمياه.
وتؤثر الخصائص التالية على قدرة تحمل التربة:
المحتوى المائي: زيادة نسبة الماء تقلل التماسك ومقاومة القص.
الكثافة الظاهرية: التربة الرخوة المشبعة بالماء تقل فيها الصلابة وقوة التحمل.
نوع الرواسب: الطمي والرمال اللزجة تتأثر بسرعة بتغير مستويات المياه الجوفية.
تأثير المياه الجوفية على التربة
تقليل المقاومة الفعلية للتربة (Effective Stress):
عند ارتفاع منسوب المياه الجوفية، يقل الضغط الفعّال على حبيبات التربة، مما يؤدي إلى انخفاض قوة القص الداخلية وبالتالي تقليل قدرة التحمل.
زيادة النفاذية والضغط الهيدروليكي:
المياه الجوفية تزيد من قوى الطرد الهيدروليكية عند تحميل التربة، مما يزيد خطر الانزلاقات والانهيارات خاصة على المنحدرات الساحلية.
تغير الهبوط المتوقع للأساسات:
يزداد الهبوط الكلي والهبوط التفاضلي للأساسات عند ارتفاع مستوى المياه الجوفية، خصوصًا في الترب الطينية اللزجة.
تأثير الزلازل على التربة المشبعة:
التربة المشبعة بالمياه معرضة لظاهرة السيولة (Liquefaction)، حيث تتحول إلى مادة سائلة مؤقتة تحت الاهتزازات الزلزالية، مما يقلل قدرة التحمل بشكل كبير.
طرق تقييم تأثير المياه الجوفية
الاختبارات الميدانية:
اختبار النفاذية (Permeability Test) لتقدير معدل تصريف المياه.
اختبار التحمل (Plate Load Test) لتقييم مقاومة التربة الحقيقية عند مستويات المياه المختلفة.
التحليل العددي:
استخدام برامج مثل PLAXIS أو GeoStudio لمحاكاة تأثير ارتفاع منسوب المياه الجوفية على الضغط الفعّال والتشوهات.
دراسة التغيرات الموسمية:
متابعة مستوى المياه الجوفية على مدار السنة لتحديد تأثير الأمطار أو المد والجزر على قدرة التربة على التحمل.
استراتيجيات تحسين التربة في المناطق الساحلية
خفض مستوى المياه الجوفية (Dewatering):
استخدام آبار تصريف أو خنادق لخفض الضغط الهيدروليكي قبل إنشاء الأساسات.
تحسين التربة بالحقن أو الاستحلاب:
استخدام الإسمنت أو المواد البوليمرية لزيادة تماسك التربة وتقليل النفاذية.
تصميم الأساسات العميقة:
استخدام الأعمدة أو الركائز الغاطسة للوصول إلى طبقات تربة أكثر صلابة وأقل تأثرًا بالمياه الجوفية.
تحسين الصرف السطحي:
تركيب أنظمة صرف حول المنشأ لتقليل تجمع المياه الجوفية حول الأساسات.
دراسات وأمثلة تطبيقية
أظهرت دراسة Das (2010) أن ارتفاع مستوى المياه الجوفية بنسبة 1 متر في الترب الطينية الساحلية يقلل قدرة التحمل بمعدل 15–25%.
أشار Murthy (2002) إلى أن التحكم في مستوى المياه الجوفية وتحسين التربة بالإسمنت يمكن أن يزيد قدرة تحمل التربة بنسبة 30% في المناطق الرملية الرطبة.
دراسة حديثة في السواحل الخليجية بينت أن استخدام الركائز العميقة مع خفض مستوى المياه الجوفية يحافظ على استقرار المنشآت الكبرى تحت الأحمال الثقيلة.
الخاتمة
تشكل المياه الجوفية عاملًا حاسمًا في تحديد قدرة تحمل التربة في المناطق الساحلية، حيث يمكن أن تقلل بشكل كبير من الاستقرار وقوة التربة تحت الأحمال.
ولتقليل المخاطر، يجب دمج الاختبارات الميدانية، التحليل العددي، واستراتيجيات تحسين التربة ضمن تصميم الأساسات.
تطبيق هذه الإجراءات يضمن استدامة المنشآت وسلامتها في المناطق الساحلية ويقلل من مخاطر الهبوط والانهيارات.
المراجع (APA 7th Edition)
Das, B. M. (2010). Principles of geotechnical engineering (7th ed.). Cengage Learning.
Murthy, V. N. S. (2002). Geotechnical engineering: Principles and practices of soil mechanics and foundation engineering. CRC Press.
Bowles, J. E. (1996). Foundation analysis and design (5th ed.). McGraw-Hill.
Terzaghi, K., Peck, R. B., & Mesri, G. (1996). Soil mechanics in engineering practice (3rd ed.). Wiley.
GeoStudio. (2020). Seep/W and Slope/W User’s Guide. Geo-Slope International Ltd.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق