انت الان في قسم علوم الحياة

مقالة علمية للانسة نور الهدى عزمي حسن بعنوان "دور البحار المفتوحة في تنظيم الغلاف الجوي" تاريخ الخبر: 27/07/2025 | المشاهدات: 30

مشاركة الخبر :

تلعب البحار المفتوحة دورًا جوهريًا ومؤثرًا في تنظيم تركيبة الغلاف الجوي، إذ تُعد ركيزة أساسية في تحقيق التوازن البيئي على كوكب الأرض. ونظرًا لأن المحيطات والبحار تغطي ما يزيد عن 70% من سطح الكرة الأرضية، فإنها تُعتبر بمثابة "الرئة الزرقاء" للعالم، حيث تمتص كميات كبيرة من الغازات وتساعد في استقرار المناخ ونقاء الهواء.

امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون
من المهام الرئيسية للبحار المفتوحة قدرتها على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون (CO₂) من الجو. حيث يذوب هذا الغاز بكميات ضخمة في المياه، ويُستخدم من قبل الكائنات الدقيقة مثل العوالق النباتية (الفيتوبلانكتون) التي تُجري عملية التمثيل الضوئي على غرار النباتات الأرضية، مما يسهم في إنتاج الأكسجين. وتشير الدراسات إلى أن المحيطات تستوعب ما بين 25% و30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية، وهو ما يجعلها حاجزًا طبيعيًا يقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري.

تنظيم حرارة الكوكب
تلعب المحيطات دورًا فعّالًا في ضبط درجات الحرارة على سطح الأرض. فالمياه لديها قدرة حرارية عالية تمكّنها من امتصاص الحرارة وتخزينها، ثم إطلاقها تدريجيًا. هذه الميزة تقلل من التباينات الحرارية بين الليل والنهار، وكذلك بين المواسم. كما أن حركة التيارات البحرية، مثل تيار الخليج الدافئ (Gulf Stream)، تنقل المياه الحارة من المناطق الاستوائية إلى المناطق الباردة، ما يساهم في تعديل المناخ العالمي وتدفئة مناطق مثل أوروبا.

إنتاج الأكسجين الجوي
العوالق النباتية في البحار لا تكتفي بامتصاص ثاني أكسيد الكربون، بل تُعد من المصادر الأساسية لإنتاج الأكسجين في الغلاف الجوي. وتشير تقديرات علمية إلى أن البحار والمحيطات مسؤولة عن توليد أكثر من 50% من الأكسجين الذي نتنفسه، وهو ما يفوق إنتاج الغابات، خلافًا لما يُعتقد شائعًا.

المساهمة في الدورة المائية
من خلال عملية التبخر، تسهم المحيطات في ضخ كميات ضخمة من بخار الماء إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تشكُّل الغيوم وسقوط الأمطار. وتؤثر هذه الدورة بشكل مباشر على المناخ العالمي، وعلى وفرة المياه العذبة في مختلف أنحاء العالم.

تنظيم المناخ على المدى البعيد
تلعب البحار كذلك دورًا مهمًا في استقرار المناخ على المدى الطويل، من خلال ما يُعرف بآليات "مضخات الكربون المحيطية"، وهي عمليات طبيعية تسحب الكربون من سطح المياه إلى الأعماق السحيقة، حيث يبقى مخزونًا لفترات طويلة قد تمتد إلى آلاف السنين. هذه العملية تسهم في الحد من تراكم الكربون في الغلاف الجوي.

البحار المفتوحة ليست مجرد موائل للكائنات البحرية، بل هي من العوامل الأساسية في استقرار البيئة والمناخ على سطح الأرض. فهي تمتص الغازات، وتنظّم درجة الحرارة، وتنتج الأكسجين، وتُسهم في الدورة المائية. ومن هنا، تظهر أهمية حماية المحيطات من التلوث والصيد الجائر والتغيرات المناخية، لضمان استمرارية دورها الحيوي في بقاء الحياة على الكوكب.

جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق