الفسفور في الصناعات الحربية: استخدامات حساسة ومثيرة للجدل
المهندسة نورهان ثامر عاصي
أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة:
الهدف 16 – السلام والعدل والمؤسسات القوية: من خلال الدعوة لاستخدام مسؤول للمواد الكيميائية في النزاعات.
الهدف 3 – الصحة الجيدة والرفاه: عبر الوقاية من آثار الأسلحة الكيميائية على المدنيين والبيئة.
الهدف 12 – الإنتاج والاستهلاك المسؤولان: بتحسين إدارة المواد الخطرة وتقييد استخدامها في السياقات غير الآمنة.
يُعتبر الفسفور، خاصة في شكله الأبيض، من أكثر العناصر الكيميائية إثارة للجدل في الاستخدامات العسكرية. فبينما يُستخدم الفسفور في عدد من التطبيقات المدنية والصناعية المفيدة، فإن دوره في الصناعات الحربية يرتبط بالأذى المباشر والتدمير واسع النطاق. وقد أثار استخدامه، خاصة ضد المدنيين، نقاشات قانونية وأخلاقية حادة على الساحة الدولية.
1. ما هو الفسفور الأبيض؟
الفسفور الأبيض مادة شديدة التفاعل، تشتعل فور ملامستها للهواء، وتنتج حرارة هائلة تصل إلى أكثر من 800 درجة مئوية، مع دخان أبيض كثيف. يتم إنتاجه صناعيًا من الفوسفات الطبيعي ويُخزّن عادةً تحت الماء أو في بيئة خالية من الأكسجين.
2. الاستخدامات العسكرية للفسفور الأبيض
الأسلحة الحارقة:
يُستخدم الفسفور الأبيض لإحداث حرائق مدمّرة، وقد تم توظيفه في عدة حروب لتدمير البنية التحتية والمواقع العسكرية.
التعتيم وتوليد الدخان:
يُستفاد منه في إنتاج سُحب دخانية كثيفة لإخفاء تحركات الجنود والمركبات على أرض المعركة.
كسلاح نفسي وتكتيكي:
يُحدث احتراق الفسفور جروحًا خطيرة جدًا، وغالبًا ما يكون تأثيره النفسي كبيرًا على الجنود والمدنيين، إذ يتسبب في حروق لا تُشفى بسهولة وقد تكون قاتلة.
3. الجدل القانوني والأخلاقي
رغم عدم تصنيفه كسلاح كيميائي وفق اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1993، فإن استخدام الفسفور الأبيض يخضع لقيود صارمة بموجب القانون الدولي الإنساني. يحظر استخدامه في مناطق مأهولة بالمدنيين بسبب طبيعته العشوائية وغير القابلة للسيطرة.
وقد أثيرت قضايا عدة حول استخدامه في:
حرب العراق (2004 – الفلوجة): حيث اتُّهمت قوات أجنبية باستخدامه في مناطق سكنية.
قطاع غزة: وثّقت منظمات دولية استخدامه ضد مدنيين ومبانٍ غير عسكرية.
حروب أخرى في الشرق الأوسط وأماكن أخرى.
4. التأثير على الإنسان والبيئة
أثر على البشر:
يسبب الفسفور الأبيض حروقًا عميقة لا تتوقف عن التآكل إلا بإزالة المادة.
يمكن أن يؤدي إلى الوفاة حتى بعد ساعات من الإصابة بسبب التسمم أو تعفن الجروح.
أثر بيئي:
يلوّث التربة والمياه عند تحلله.
يؤثر على الكائنات الحية في المنطقة المستهدفة.
بقاياه تبقى نشطة وقد تسبب إصابات حتى بعد انتهاء النزاع.
5. المواقف الدولية والتنظيمات القانونية
رغم أن العديد من الدول لا تزال تحتفظ بمخزونات من هذا السلاح، فإن:
منظمات حقوق الإنسان تدعو إلى حظره الكامل.
الأمم المتحدة تراقب استخدامه وتوثق الانتهاكات.
هناك دعوات لتعديلات في اتفاقيات الأسلحة تُدرجه ضمن المحظورات بشكل واضح.
الخلاصة:
يُمثل استخدام الفسفور الأبيض في النزاعات المسلحة واحدة من أكثر المسائل إلحاحًا في النقاش حول أخلاقيات الحرب. فرغم فوائده التكتيكية، إلا أن أضراره الإنسانية والبيئية الجسيمة تدفع نحو ضرورة إعادة النظر في قوانين تنظيمه، وضمان عدم استخدامه في البيئات المدنية تحت أي ظرف. وفي عصر تتزايد فيه الدعوات إلى السلام والمسؤولية، يبدو أن مصير هذا السلاح يجب أن يُعاد تقييمه من منظور إنساني لا عسكري فقط.
جامعة المستقبل الجامعة الاهلية الاولى في العراق