انت الان في قسم الهندسة الكيميائية والصناعات النفطية

مقالة علمية للتدريسية في قسم الهندسة الكيمياوية و الصناعات النفطية ابرار فلاح ناجي بعنوان "التلوث البلاستيكي وأثره على البيئة " تاريخ الخبر: 21/09/2025 | المشاهدات: 99

مشاركة الخبر :

يُعد التلوث البلاستيكي واحداً من أكثر القضايا البيئية إلحاحاً في العصر الحديث. فمع التطور الصناعي والنمو السكاني الكبير، ارتفع معدل إنتاج واستهلاك المواد البلاستيكية بشكل غير مسبوق. هذا الانتشار الواسع جعل البلاستيك عنصراً أساسياً في حياتنا اليومية، من التعبئة والتغليف إلى الأدوات المنزلية والصناعات الطبية. ومع ذلك، فإن خصائص البلاستيك المتمثلة في مقاومته للتحلل البيولوجي جعله يتحول إلى مشكلة بيئية طويلة الأمد، حيث يمكن أن يستغرق مئات السنين ليتحلل في الطبيعة.

أسباب انتشار التلوث البلاستيكي

من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفاقم التلوث البلاستيكي الاعتماد المتزايد على البلاستيك منخفض الكلفة وسهل التصنيع، خاصة في الصناعات الغذائية والتعبئة. إضافةً إلى ذلك، فإن غياب أنظمة إدارة متكاملة للنفايات في العديد من الدول، وضعف برامج إعادة التدوير، وعدم وعي الأفراد بخطورة النفايات البلاستيكية، كل ذلك ساهم في تفاقم المشكلة. كما أن ثقافة الاستهلاك السريع والاستخدام لمرة واحدة شجعت على إنتاج كميات هائلة من النفايات البلاستيكية يصعب التخلص منها بشكل آمن.

الآثار البيئية للتلوث البلاستيكي
• التأثير على الحياة البحرية: تعد المحيطات والأنهار الوجهة النهائية لكميات هائلة من النفايات البلاستيكية. تتعرض الكائنات البحرية مثل الأسماك والسلاحف والطيور البحرية لخطر كبير نتيجة ابتلاعها جزيئات البلاستيك أو تشابكها في الأكياس والحبال البلاستيكية، مما يؤدي إلى إصابات خطيرة أو نفوقها.
• تلوث التربة والمياه الجوفية: مع تراكم البلاستيك في مكبات النفايات أو في الأراضي الزراعية، يمكن أن تتحلل بعض المواد الكيميائية منه وتتسرب إلى التربة والمياه الجوفية، محدثة تلوثاً يؤثر على جودة المياه وصحة النباتات.
• الجزيئات البلاستيكية الدقيقة (Microplastics): تتحول المواد البلاستيكية بمرور الوقت إلى جزيئات صغيرة جداً تنتشر في الهواء والماء وتدخل في السلسلة الغذائية، لتصل في النهاية إلى جسم الإنسان مسببة مخاطر صحية محتملة.
• تأثيرات على التغير المناخي: إنتاج البلاستيك يعتمد في الأساس على الوقود الأحفوري، وبالتالي يساهم في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تفاقم ظاهرة التغير المناخي.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية

التلوث البلاستيكي لا يؤثر فقط على البيئة، بل له آثار اقتصادية أيضاً. إذ يؤدي تراكم النفايات البلاستيكية في السواحل والمناطق السياحية إلى تراجع النشاط السياحي وزيادة كلفة تنظيف الشواطئ. كما تضطر الحكومات إلى إنفاق مبالغ طائلة على برامج جمع النفايات ومعالجتها. إضافة إلى ذلك، قد تتأثر الثروة السمكية وتقل كميات الصيد نتيجة موت أعداد كبيرة من الكائنات البحرية.

الحلول الممكنة لمكافحة التلوث البلاستيكي
• تعزيز إعادة التدوير: إنشاء أنظمة متطورة لجمع وفرز النفايات البلاستيكية وتحويلها إلى مواد قابلة لإعادة الاستخدام في الصناعات المختلفة.
• التشجيع على البدائل الصديقة للبيئة: استبدال الأكياس والأدوات البلاستيكية بمواد قابلة للتحلل مثل الورق أو الألياف الطبيعية.
• التوعية البيئية: إطلاق حملات توعوية في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام لشرح أضرار البلاستيك وتشجيع الأفراد على التقليل من استخدامه.
• التشريعات الحكومية: سن قوانين تحد من إنتاج البلاستيك أحادي الاستخدام وتفرض ضرائب أو رسوم إضافية عليه للحد من استهلاكه.
• التكنولوجيا والابتكار: دعم الأبحاث الرامية إلى تطوير مواد جديدة ذات خصائص مشابهة للبلاستيك ولكن قابلة للتحلل الحيوي.

دور الأفراد والمجتمع

يبدأ التغيير من سلوكيات بسيطة يمارسها كل فرد في حياته اليومية، مثل استخدام الأكياس القماشية بدلاً من البلاستيكية، وإعادة استخدام العبوات البلاستيكية بدل رميها، وفرز النفايات المنزلية لإعادة تدويرها. كما يمكن للمجتمعات المحلية تنظيم حملات تنظيف للشواطئ والمتنزهات والأنهار، مما يسهم في التقليل من تراكم النفايات البلاستيكية في البيئة الطبيعية.

الخلاصة

إن التلوث البلاستيكي مشكلة عالمية متشابكة الأبعاد، تتطلب تعاوناً وثيقاً بين الحكومات والمؤسسات الدولية والشركات والأفراد. فالتقليل من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام، وتحسين أنظمة إدارة النفايات، وتطوير بدائل صديقة للبيئة، كلها خطوات أساسية لحماية كوكب الأرض وضمان مستقبل صحي ومستدام للأجيال القادمة