تُظهر الأدبيات التربويّة الحديثة أن الدمج الواعي بين الفنّ والتصميم البصري والمحتوى الأكاديمي يحفّز أنماطًا متعدّدة من التعلّم، أبرزها التعلّم البصري-المكاني والتعلّم القائم على الخبرة. تعمل الصورة الفنية المصمَّمة جيدًا كمحفِّز عصبي يربط المعلومات الجديدة بمخزون الذاكرة طويلة الأمد، فينشأ لدى الطالب “مرسى بصري” يذكّره بالفكرة عند استرجاعها لاحقًا.
1. آليات التأثير
1. التجسيد البصري للمفاهيم المجرّدة
الرسوم التخطيطية والإيضاحات الفنية تنقل بنية الموضوع (العلاقات، التسلسل، السبب والنتيجة) بصورة أسرع وأنقى من النص المجرد.
2. تنشيط العاطفة والفضول
الجماليات (لون، تباين، تناغم) تثير الدهشة وتحفّز إفراز الدوبامين، ما يزيد من الانتباه ودافعيّة التعلّم.
3. تعلّم مزدوج القناة
وفق نظرية Paivio، الجمع بين القنوات اللفظية والبصرية يعظّم فرص التشفير الثنائي للمعلومة، فيتضاعف احتمال تذكّرها.
2. أدلّة ميدانية مختصرة
دراسة شبه تجريبية بجامعة بغداد (2023، ن=120) أظهرت ارتفاع متوسط درجات الفهم المفاهيمي في مساق “فيزياء عامة 1” بنسبة 21 % بعد استبدال 30 % من شرائح النص بصور إنفوغرافيك تفاعلية.
في كلية الفنون بجامعة بابل (2024)، حقّق طلاب “تصميم تعليمي رقمي” الذين أنشؤوا لوحات بصرية لمفاهيم النظرية السيميائية أداءً أعلى بـ 18 % في اختبار التحليل النقدي مقارنةً بالمجموعة الضابطة.
3. توصيات تطبيقية
1. مبدأ البساطة: استخدم لونين رئيسيين وخطًّا واحدًا لتجنّب الحمل المعرفي الزائد.
2. ترميز المعنى: خصّص رمزًا بصريًا ثابتًا لكل مفهوم محوري (أيقونة أو شكل)، ليسهل الربط والاستدعاء.
3. التعلّم النشط: اطلب من الطلاب إنتاج تصاميمهم الخاصة؛ فالتعلّم بالممارسة يعمّق الفهم.
4. تقويم متعدد الوسائط: دع أسئلة الاختبار تتضمّن صورًا توضيحية كي تقيس الفهم البصري لا الحفظ النصّي فقط.
4. خلاصة
تؤكّد البيانات أن تصاميم الصور الفنية ليست مجرّد زينة؛ بل أداة معرفية قوية تعيد هيكلة المحتوى الجامعي ليتلاءم مع آليات الإدراك الحديثة. إن تبنّيها بصورة منهجية يمكن أن يرفع مستوى الفهم، يقلّل من فجوة التحصيل، ويهيّئ طالب البكالوريوس لعصرٍ يتطلّب التفكير البصري والإبداعي جنبًا إلى جنب مع الكفاءة الأكاديمية التقليدية.
في ضوء أهداف التنمية المستدامة، تمثل التوعية عبر الصور الفنيه ركيزة أساسية لتحقيق التعليم الجيد وتوسيع فرص التعلم. فهي أداة تمكّن الأفراد من الوصول إلى المعرفة، وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة نحو تنمية قدراتهم ومجتمعاتهم. ومن هنا، ينبغي تعزيز دور وسائل الاتصال كمصدر موثوق للتعليم والتوعية، وجعلها شريكًا فاعلًا في بناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة
جامعة المستقبل الجامعه الاولى في العراق .