انت الان في قسم التصميم

مقال علمي بعنوان"جمال الخلق والود في علاقة الإنسان بربه وبالآخرين"للتدريسي الدكتور اسرار عباس سمندر" تاريخ الخبر: 26/12/2024 | المشاهدات: 280

مشاركة الخبر :

الإنسان مخلوق يقدر الجمال، ليس فقط الجمال الذي تراه العين المجردة، ولكن أيضًا ذلك الجمال الذي يملأ القلوب بالراحة والسكينة والسعادة. في الآية القرآنية الكريمة(عُرُبًا أَتْرَابًا) (سوره الواقعة 37)، وصف راقي لأهل الجنة بأنهم في أكمل صور الجمال الظاهري والداخلي، مما يدفعنا إلى استنباط معانٍ عميقة تربوية وإرشادية لتطبيقها في حياتنا الدنيا. المعنى في سياقه القرآني الآية تصف نساء الجنة، حيث(عُرُبًا) تعني المحبات والحنونات لأزواجهن الى اقصى حد ممكن، و(أَتْرَابًا) تعني المتساويات في السن والجمال بدون أي نقص او تفريق ولو قيد شعره، وهو تصوير للكمال الروحي والجسدي في عالم خالٍ من الغيرة والتنافس بين المخلوقات من النساء. لكن هذا الوصف ليس مجرد وعد لأهل الاخرة من النساء، بل هو دعوة ضمنية للهدى والهدوء لتجسيد هذه الصفات في حياتنا اليومية؛ أن نكون محبين، صادقين، ومتساوين في تعاملنا مع الآخرين، لا ينقصنا العدل ولا يطغى علينا الغرور او الغباء في التعاملات.
ان القيمة التربوية والإرشادية تتلخص في :-
1-جمال الروح قبل جمال الجسد:-(عُرُبًا) يشير إلى عاطفة نقية تُرضي الفؤاد، وهذه دعوة للتركيز على الجمال الداخلي في علاقاتنا. قال العزيز الجليل (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)(سورة لقمان18). فالعلاقة التي تبنى على التفاهم والود تثمر في الدنيا قبل الآخرة.
2-التساوي والعدل في العلاقات: -(أَتْرَابًا) تعلمنا أهمية كلمة العدل. المجتمع الذي يتعامل أفراده بعضهم مع بعض بالعدل والقسط ينمو بالحب والتكاتف. قال تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(سورة الحجرات 13)، وهي دعوة لإلغاء الفوارق السطحية التي تزرع التفرقة في التعاملات الاخلاقية.
3-التربية على المحبة الصادقة:-المحبة التي لا تنبع من منفعة أو رغبة مادية تعكس نقاء القلب. وهذا ما يخلق بيئة أسرية واجتماعية قائمة على الاحترام والحنان، كما قال تعالى(وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)(سورة الروم: 21).
القلوب تلين بالتأمل في الجمال الرباني، حينما يتأمل الإنسان في صفات أهل الجنة، يدرك أن الحياة الحقيقية ليست في المظاهر أو التفوق المادي، بل في بناء العلاقات النقية التي تشبه ماءً صافياً يروي القلوب العطشى. علينا أن نبدأ بتربية أنفسنا وأولادنا على هذه القيم، لنحقق جنة مصغرة في الدنيا، تُعِدُّنا لملاقاة العزيز الجليل في اخرتنا.
ختاما إن جمال هذه الآية دعوة للسير نحو الكمال الإنساني؛ أن نصبح (عُرُبًا أَتْرَابًا) في تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين. وهذا لن يتحقق إلا بأن تكون علاقتنا بالله قائمة على الحب والطاعة، وعلاقتنا بالناس قائمة على الود والعدل. فتلك هي الجنة التي نزرع بذورها في قلوبنا اليوم، لنحصدها غدًا في دار الخلود. اللهم اجعلنا ممن تسعدهم بجنة عرضها السماوات والأرض، واجعلنا من أهل القلوب النقية، المحبين والمتحابين فيك .
المصادر( القران الكريم) و(كتب التفسير)