انت الان في قسم التصميم

مقال بعنوان " التخطيط والتصميم والاستدامة في إنجاز الأعمال الإنشائية ليلاً " بقلم التدريسي الدكتور اسرار سمندر تاريخ الخبر: 24/09/2025 | المشاهدات: 74

مشاركة الخبر :

تمثل الأعمال الإنشائية بمختلف أنواعها (طرق، جسور، مبانٍ، شبكات خدمية) الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذه المشاريع الضخمة لا تُقاس قيمتها فقط بمدى إنجازها في الوقت المحدد أو بجمال شكلها المعماري، بل بقدرتها على تحقيق الاستدامة: أي ضمان الاستمرارية، تقليل الأثر البيئي، وتلبية احتياجات الأجيال الحاضرة دون المساس بحقوق الأجيال القادمة. إن نجاح هذه المشاريع مرهون بثلاثة عناصر رئيسية: التخطيط المحكم، التصميم الذكي، وإدارة الزمن، ولا سيما عبر استغلال الليل كزمن عمل فعّال.
أولاً: فعالية التخطيط في الأعمال الإنشائية – التخطيط هو الخطوة الأولى لتحقيق الكفاءة في الإنشاءات، ويتجلى دوره في: إدارة الموارد بكفاءة لتقليل الهدر في المواد والطاقة، تحليل الموقع والبيئة لتفادي المخاطر الجيولوجية أو المناخية، تقدير الكلفة والوقت بدقة مع إدخال بدائل مستدامة تقلل من المصاريف طويلة الأمد، إعداد خطط للطوارئ لمواجهة الظروف غير المتوقعة كالكوارث الطبيعية أو الأعطال المفاجئة، ودمج مبادئ الاستدامة منذ البداية لضمان مشاريع صديقة للبيئة واقتصادية في التشغيل.
ثانياً: التصميم كأداة لتحقيق الاستدامة – التصميم الحديث لم يعد مجرد شكل هندسي، بل منظومة متكاملة تراعي استخدام مواد مستدامة قابلة لإعادة التدوير أو صديقة للبيئة، رفع كفاءة الطاقة من خلال العزل الحراري والإضاءة الطبيعية وتقنيات الطاقة المتجددة، ضمان السلامة عبر أنظمة حماية للمباني والجسور والطرق، تحقيق عمر افتراضي أطول بفضل المرونة ومراعاة المستقبل، وتقليل الأثر البيئي من خلال الحد من التلوث والضوضاء واستهلاك المياه.
ثالثاً: استغلال الليل في إنجاز الأعمال الحيوية – العمل الليلي أصبح استراتيجية ناجحة في العديد من المشاريع الكبرى لأنه يقلل من ازدحام النهار فلا يعطل الحياة اليومية، يوفر بيئة أكثر أماناً للعمال والمستخدمين، يعزز سرعة الإنجاز لغياب العوائق البشرية والمرورية، ويساعد في توفير الطاقة عند دمجه مع أنظمة إنارة ذكية.
رابعاً: التكامل بين التخطيط والتصميم والاستدامة – عندما يُدمَج التخطيط المحكم مع التصميم المستدام واستغلال الليل كإطار زمني، ينتج عن ذلك إنجاز مشاريع أسرع وأكثر أماناً، تقليل التكاليف طويلة الأمد بفضل خفض الصيانة، رفع مستوى الجودة والموثوقية، وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية وحماية البيئة. إن الأعمال الإنشائية المعاصرة لم تعد تسعى فقط إلى الإنجاز السريع أو المظهر الجمالي، بل أصبحت تسعى لتحقيق معادلة ثلاثية: الكفاءة، الاستدامة، والجودة. ولتحقيق هذه المعادلة، يجب أن يتكامل التخطيط العلمي مع التصميم الواعي بمبادئ الاستدامة، إلى جانب استغلال الليل كعنصر زمني استراتيجي. وبهذا يصبح الإنشاء الحديث ليس مجرد بناء، بل استثمار طويل الأمد في الإنسان والبيئة والاقتصاد.

جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق.