ريادة الاعمال ( business entrepreneurship ) بين النظرية وتحديات التطبيق
بقلم أ.م.د ابراهيم رسول هاني
تعد الجرأة والشجاعة سمه من السمات اللازمة عند اتخاذ القرار بالبدء في مشروع جديد حتى في ظل افضل الظروف الاقتصادية , فالجراءة تتمثل في عدة جوانب منها مثلا جرأة تحمل مخاطر تخصيص راس المال وترجمته الى فكرة ، جراءة خوض غمار المنافسة ، جراءة التوجه نحو مستقبل غير معلوم ... الخ واذا نظرنا الى المبادرين على مستوى العالم نجد بأن جميعهم يمتلكون تلك الجرأة والشجاعة بدء من مرحلة ابتكار الفكرة حتى تنفيذها ، فعملية الابتكار , creation , هي عماد قطاع الاعمال الخاص والقوي الذي يدفع البلدان الى النمو والازدهار لذا يعتبر القطاع الخاص القوي سر النجاح لتحقيق النمو الاقتصادي في البلدان , لما يمثله من قدرة المشروع على توفير راس المال وخلق فرص العمل ومضاعفة قيمة المشروع ولعب دور فعال في تدعيم الاسواق والحد من مستويات الفقر .
ولازال حتى يومنا هذا اهتمام الأجهزة الحكومية المعنية والمستثمرين الكبار منصبا على الشركات الوطنية الكبرى والشركات متعددة الجنسيات , multination ad companies , في حين تغفل تلك الاطراف عن الاهتمام الكافي بمشكلات المشروعات الصغيرة او المبادرات الجديدة التي تتسم بالابتكار . وفي ظل هذه الظروف يجد المبادرون انفسهم خارج نطاق الاقتصاد الرسمي مما يدفعهم الى اللجوء الى ممارسات غير قانونية بسبب فقدان ادوات المشاركة الرسمية التي تؤهلهم للتعبير عن آرائهم في السياسات الحاكمة للسوق .
وقد اوضحت التجربة ان الدول التي تدعم المبادرين ذوي الافكار المبتكرة والذين يتمتعون بجرأة وشجاعه في تنفيذ افكارهم , هي الدول التي حققت النمو والازدهار خلال العقود السابقه حين اتسمت الدول التي وضعت العراقيل امام نمو وازدهار هذا النوع من المبادرات بمستويات فقر مرتفعة .فالمشروعات الصغيرة والمتوسطة تعد اساس القوة الاقتصادية للدول المتقدمة وذلك بمساهمتها الرئيسة في ازدهار تلك الاقتصاديات القوية .
والسؤال الي يرد هنا هو . ماهي العوامل التي تؤدي الى عرقلة ازدهار ونمو تلك المبادرات ؟ والجواب على ذلك نقول ان تلك العوامل تتمثل في ندرة المواد المتاحة امام هؤلاء في الدول النامية وضعف البنية التحتية وعدم فاعلية الضوابط والانظمة الحاكمة لعملها . ولابد من توحيد الجهود لخلق مناخ مستقر وفعال وقابل للتوقع يوفر الاطار القانوني للمبادرات الشخصية .
ان مسؤولية ازالة القيود المفروضة على المبادرات يقع على عاتق الحكومات وهي مسؤولية تتعدى حدود التصريحات الرنانة والصاخبة التي تصدر من قبل الحكومات حول دعم القطاع الخاص فعلى العكس من ذلك يجب ترجمة تلك الشعارات الى قدرة الحكومات وواضعي السياسات على خلق مناخ يسمح للمبادرين بعدم استنفاذ مواردهم للتعامل مع المعوقات والضوابط المعقدة بشكل يومي ، كما ان ازالة القيود يؤدي الى زيادة قدرة الحكومات على توصية مشاركة القطاع الخاص نحو جهود الاصلاح .ففي الدول التي يأخذ فيها شكل الحوار الدائر بين اصحاب الاعمال والحكومات شكل الاتجاه من الاعلى الاسفل تقوم الحكومات بإصدار الاوامر واذعان المشروعات لتلك الاوامر وتزداد فيها الضوابط وتنتشر الادارة الجزئية للأنشطة الاقتصادية بما يؤثر سلبيا على نمو القطاع الخاص . اما تركيز الحكومة على مسؤولية تطبيق القوانين بعدالة فأنه يؤدي الى توفير بيئة ملائمة لانتعاش الاقتصاد بشكل عام .
ان البدء في مشروع جديد في الدول المتقدمة يكون عملا سهلا نسبيا فالفرصة متهيئة للمبادرين للحصول على موارد مالية ومعرفة متخصصة وخبرات مهنية عالية وبيئة تحتية اجتماعية ومادية وسياسات مشجعة لنشاط المبادرين في حين نجد في البلدان النامية تكون امكانية الحصول على تلك الموارد والمعلومات محدودة للغاية نتيجة وجود الضوابط الغير فعالة وعدم تطبيق القوانين وانتشار الفساد في اجهزة الدولة مما يضطر المبادرين الى اللجوء الى القطاع الاقتصادي غير الرسمي او ما يسمى باقتصاد الظل .وهؤلاء المبادرون الذين يعملون خارج الاقتصاد الرسمي لا تتوفر لديهم قدرة الاستفادة من الخدمات العامة والمؤسسات الائتمانية والحماية القانونية وانفاذ القانون من خلال عقود سارية النفاذ ولاتتوفر لديهم أيضا المعلومات الصحيحة التي يمكن الاعتماد عليها .
واليوم يتزايد ادراك الدول لأهمية تفعيل دور القطاع الخاص لخدمة عملية التنمية ليكون الدافع والمحرك الرئيس للنمو الاقتصادي . ويمتد هذا الأدراك الى تلك الدول التي سبق لها أن اعاقت منع هذه المشروعات لمصلحة الحكومات واليوم تلعب الحكومات من منطلق هذا الأدراك دورا حاسما لمساعدة المبادرين للمشاركة في افاق الرخاء عن طريق تطبيق السياسات الملائمة ونشر البرامج المساندة لها وبقدر تعلق الامر بالواقع العراقي يمكن القول وبشكل واضح وجوهري بأنه من اجل ازدهار مشروعات القطاع الخاص يجب على الحكومات العراقية ان تساعد على ترسيخ وتوفير المناخ الذي يحفز ويدعم الانشطة الريادية من خلال ثلاث مبادئ رئيسية .
الاول : ضرورة تهيئة هيكل تنظيمي قانوني صحيح لدعم المشاريع الصغيره والمتوسطه
الثاني: توفير التدريب على الريادية وبرامج التنمية والتطوير .
الثالث : توفير مساندة حكومية وبرامج للمساعدات المالية وامكانية الحصول على راس المال للمشروعات الصغيرة والمتوسطة .
الجامعة الاولى في العراق