انت الان في قسم ادارة الأعمال

مقال بعنوان الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وانعكاساتها على الاقتصاد العراقي تاريخ الخبر: 08/07/2025 | المشاهدات: 261

مشاركة الخبر :

الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وانعكاساتها على الاقتصاد العراقي
م. عبد المهدي رحيم حمزة
شهدت العلاقات الاقتصادية الدولية خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا للتوترات، كان أبرزها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. هذه الحرب، التي بدأت بفرض تعريفات جمركية متبادلة على السلع، لم تقتصر آثارها على البلدين المعنيين فحسب، بل امتدت لتشمل الاقتصاد العالمي ككل، بما في ذلك الاقتصادات الناشئة والمعتمدة على النفط مثل الاقتصاد العراقي. يهدف هذا المقال إلى تحليل انعكاسات هذه الحرب التجارية على العراق، مع التركيز على أهم القنوات التي تتأثر من خلالها بغداد بهذه التوترات العالمية.
قنوات التأثير على الاقتصاد العراقي
تتعدد القنوات التي تتأثر من خلالها العراق بالحرب التجارية، وأهمها:
1. أسعار النفط العالمية
يُعدّ النفط الشريان الحيوي للاقتصاد العراقي، حيث يشكل الجزء الأكبر من الإيرادات الحكومية والصادرات. أي تقلب في أسعار النفط العالمية يؤثر بشكل مباشر على الميزانية العامة للعراق وقدرته على تمويل المشاريع التنموية. أدت الحرب التجارية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ما قلل بدوره من الطلب على النفط وبالتالي انخفاض أسعاره. على الرغم من أن أسعار النفط قد شهدت تعافيًا نسبيًا في فترات لاحقة، إلا أن التوترات التجارية المستمرة تُبقي أسعار النفط تحت ضغط وتزيد من تقلباتها، مما يعرض الاقتصاد العراقي لمخاطر كبيرة.
2. الاستثمارات الأجنبية المباشرة
لطالما سعت العراق لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لإعادة إعمار بنيتها التحتية وتطوير قطاعاتها غير النفطية. تؤثر الحرب التجارية على المناخ الاستثماري العالمي، حيث يفضل المستثمرون عادة البيئات المستقرة. قد تؤدي حالة عدم اليقين الاقتصادية العالمية الناجمة عن هذه الحرب إلى تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى العراق، خاصة في القطاعات التي تعتمد على التصدير أو التي تتأثر سلاسل إمدادها بالتوترات التجارية.
3. حجم التجارة الدولية
تعتمد العراق على الاستيراد لتلبية جزء كبير من احتياجاتها من السلع الاستهلاكية والرأسمالية. يمكن أن تؤثر الحرب التجارية على سلاسل الإمداد العالمية وتزيد من تكلفة الاستيراد إذا تم تحويل مسار التجارة أو فرض رسوم جمركية جديدة على بعض السلع. على الرغم من أن العراق قد لا يكون طرفًا مباشرًا في هذه الحرب، إلا أن الآثار غير المباشرة على حركة التجارة العالمية يمكن أن ترفع أسعار السلع المستوردة، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين ويزيد من معدلات التضخم.
4. العلاقات الاقتصادية مع الصين والولايات المتحدة
لكل من الصين والولايات المتحدة شراكات اقتصادية مهمة مع العراق. الصين هي مستثمر رئيسي في قطاع النفط العراقي وشريك تجاري مهم، في حين أن الولايات المتحدة هي من أكبر الشركاء التجاريين والموردين للعراق، وتلعب دورًا محوريًا في دعمه المالي والتقني. يمكن أن تؤثر التوترات بين القوتين العظميين على طبيعة هذه العلاقات وديناميكياتها. قد تجد العراق نفسها في موقف حساس يتطلب الموازنة بين مصالحها مع كل من بكين وواشنطن، مما قد يؤثر على اختياراتها الاقتصادية والاستراتيجية.
التحديات والفرص
تفرض الحرب التجارية تحديات كبيرة على الاقتصاد العراقي، أبرزها الحاجة الملحة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. كما تسلط الضوء على أهمية بناء اقتصاد أكثر مرونة قادر على امتصاص الصدمات الخارجية. ومع ذلك، قد تفتح هذه الأزمة بعض الفرص، مثل إمكانية جذب الاستثمارات التي تبحث عن بدائل لسلاسل الإمداد التقليدية، أو زيادة الطلب على بعض السلع العراقية غير النفطية إذا تغيرت ديناميكيات التجارة العالمية.
الخلاصة
تُظهر الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية كيف أن الاقتصادات العالمية أصبحت مترابطة بشكل وثيق، وأن التوترات في منطقة ما يمكن أن يكون لها تداعيات عالمية. بالنسبة للعراق، فإن هذه الحرب تزيد من حالة عدم اليقين وتضع ضغوطًا إضافية على اقتصاد يعاني بالفعل من تحديات داخلية. يتطلب التعامل مع هذه الانعكاسات تبني سياسات اقتصادية حكيمة، تركز على تنويع الاقتصاد، وتعزيز بيئة الاستثمار، وبناء شراكات اقتصادية متوازنة تخدم المصالح الوطنية للعراق على المدى الطويل. على العراق أن يراقب عن كثب التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية لتمكينها من اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة وحماية استقرارها الاقتصادي.
جامعة المستقبل الاولى على الجامعات الاهلية