في عصر تتسارع فيه وتيرة التطور التكنولوجي، أصبحت الأدلة الجنائية تعتمد بشكل متزايد على تقنيات حديثة تعزز من قدرة أجهزة إنفاذ القانون على كشف الجرائم وتحقيق العدالة. لم تعد التحقيقات تقتصر على جمع الشهادات أو الأدلة المادية التقليدية، بل أصبحت تعتمد على أدوات رقمية وتحليل بيانات معقدة، مما ساهم في تحسين الدقة والسرعة في كشف الجرائم.

أولاً: مفهوم الأدلة الجنائية
الأدلة الجنائية هي كل ما يُستخدم في التحقيقات لكشف ملابسات الجريمة وتحديد هوية الجاني، وتشمل الأدلة المادية (مثل البصمات، الدم، الأسلحة)، والأدلة الرقمية (مثل رسائل البريد الإلكتروني، بيانات الهاتف، كاميرات المراقبة)، وأيضًا التحليلات العلمية مثل الحمض النووي (DNA).

ثانيًا: أثر التكنولوجيا في تطوير الأدلة الجنائية
تحليل الحمض النووي (DNA)
من أهم الاكتشافات في علم الجريمة. يستخدم لتحليل آثار بيولوجية (مثل الدم أو الشعر) لربط الجاني بمسرح الجريمة بدقة تصل إلى 99.9%.

أنظمة التعرف على الوجه
تُمكن من التعرف على الأشخاص من خلال الصور أو مقاطع الفيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتُستخدم في المطارات والمراقبة العامة.

تحليل بيانات الهواتف الذكية
الهواتف تحمل كماً هائلًا من المعلومات، مثل الرسائل، المكالمات، المواقع الجغرافية، ويمكن أن تكشف تحركات المشتبه بهم.

كاميرات المراقبة والذكاء الاصطناعي
تُستخدم في تتبع الجرائم وتحديد الأنماط السلوكية المشبوهة من خلال تحليل الفيديوهات بشكل تلقائي.

البصمات الرقمية (الديجيتال)
تشمل سجل التصفح، النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، وسجلات الدفع الإلكتروني، وتوفر أدلة قوية في القضايا الإلكترونية.

ثالثًا: التحديات المرتبطة باستخدام التكنولوجيا
انتهاك الخصوصية:
جمع البيانات الرقمية يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مدى احترام خصوصية الأفراد.

القرصنة والتلاعب:
يمكن التلاعب بالأدلة الرقمية إذا لم تكن محمية جيدًا، مما قد يعرّض مصداقية التحقيقات للخطر.

الفجوة التكنولوجية:
ليس جميع الدول أو الأجهزة الأمنية تمتلك نفس القدرات التكنولوجية، مما يؤدي إلى تفاوت في فعالية التحقيقات.

رابعًا: مستقبل الأدلة الجنائية
التوجه المستقبلي يركز على دمج الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة للكشف عن الجرائم قبل وقوعها، بالإضافة إلى تطوير تقنيات مثل تحليل الصوت، والواقع الافتراضي لإعادة بناء مسرح الجريمة. ومع تطور تقنيات التشفير والتحقيق الرقمي، يتوقع أن تصبح الأدلة الجنائية أكثر دقة وموثوقية.


لقد أحدثت التكنولوجيا ثورة حقيقية في مجال الأدلة الجنائية، مما ساعد في كشف الجرائم المعقدة والحد من الجرائم المجهولة. ومع ذلك، يجب استخدام هذه الأدوات بحذر ومسؤولية، مع مراعاة حقوق الإنسان والضمانات القانونية، لضمان تحقيق العدالة دون المساس بالحريات.

جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق