تُعدّ الأدلة الجنائية حجر الزاوية في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، فهي تمثّل الصلة بين الجريمة ومرتكبها. لكن هذه الأدلة لا تصل إلى قاعة المحكمة مباشرة، بل تمر برحلة دقيقة ومعقدة تتطلب احترافية عالية وإجراءات قانونية صارمة لضمان سلامتها ومصداقيتها. في هذا المقال، نستعرض المراحل الأساسية التي تمر بها الأدلة منذ لحظة اكتشافها في مسرح الجريمة حتى تقديمها كدليل قاطع أمام القضاء.
1. تأمين مسرح الجريمة
الخطوة الأولى في رحلة الأدلة هي تأمين موقع الجريمة من قبل السلطات المختصة. يتم إغلاق الموقع لمنع أي تلاعب محتمل أو تدمير للأدلة، كما يُسمح فقط للمحققين وفنيي الأدلة الجنائية بالدخول.
2. جمع الأدلة
يقوم خبراء الطب الشرعي بجمع مختلف أنواع الأدلة مثل:
البصمات الوراثية (DNA)
بصمات الأصابع
آثار الأقدام أو الإطارات
الأدوات والأسلحة
الألياف، الشعر، سوائل الجسم
تُستخدم أدوات وتقنيات خاصة لجمع الأدلة مع الحرص على عدم تلويثها أو نقلها بشكل غير سليم.
3. توثيق الأدلة
تُوثق الأدلة بالصور الفوتوغرافية والملاحظات التفصيلية، ويُحدد مكان كل دليل بدقة داخل مسرح الجريمة. كما يتم ترقيم كل قطعة دليل وتعبئتها في حاويات محكمة الغلق مع ذكر تاريخ ووقت الجمع واسم الجامع.
4. سلسلة الحيازة (Chain of Custody)
هي سجل يُظهر كل من تعامل مع الأدلة من لحظة جمعها حتى استخدامها في المحكمة. هذه السلسلة ضرورية لضمان عدم العبث بالأدلة وتحديد المسؤولية القانونية عند حدوث أي خلل.
5. تحليل الأدلة
تُنقل الأدلة إلى المختبر الجنائي لإجراء الفحوصات اللازمة. تشمل التحاليل:
اختبارات الحمض النووي
الفحص الكيميائي للمواد المشبوهة
مطابقة البصمات
فحص الأسلحة والرصاص
6. إعداد التقارير الفنية
بعد الانتهاء من التحاليل، يُعد الخبراء تقارير مفصلة تشرح النتائج التي تم التوصل إليها. هذه التقارير تُستخدم من قبل المحققين والنيابة العامة في توجيه الاتهامات وبناء القضية.
7. تقديم الأدلة في المحكمة
في قاعة المحكمة، تُعرض الأدلة أمام القاضي وهيئة المحلفين. يُستدعى الخبراء للإدلاء بشهاداتهم وشرح كيفية جمع وتحليل الأدلة ونتائج التحاليل. على الأدلة أن تكون موثوقة، ومقبولة قانونياً، وغير مشكوك في سلامتها.
أهمية الرحلة الدقيقة للأدلة
أي خطأ في هذه الرحلة—سواء في الجمع أو التوثيق أو النقل أو التحليل—قد يؤدي إلى استبعاد الأدلة أو التشكيك في صحتها، ما قد يؤثر على مصير القضية بالكامل. لذا، فإن الاحترافية والدقة في التعامل مع الأدلة ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي أساس تحقيق العدالة الجنائية.
جامعة المستقبل الجامعه الاولى في العراق