يُعد تحليل أنماط الدم من الأدلة الحيوية في التحقيقات الجنائية، ويُستخدم لفهم آلية حدوث الجريمة وتحديد موقع الجاني أو الضحية أثناء وقوع الحدث. تعتمد هذه التحليلات بشكل كبير على صور مفصلة ومرتبة زمنيًا توثق آثار الدم في مسرح الجريمة. تهدف هذه المقالة إلى توضيح الأهمية العلمية لتصوير أنماط الدم، واستعراض آليات تحليلها، ودورها في إعادة بناء تسلسل الأحداث الجنائية بدقة.
1. المقدمة
تُعد بقع الدم في مسرح الجريمة من الأدلة الصامتة لكنها غنية بالمعلومات. عند تصويرها بشكل علمي ومنهجي، يمكن تحليل نمط واتجاه انتشارها واستنتاج تفاصيل بالغة الأهمية، مثل موقع الإصابات، عدد الضربات، نوع السلاح المستخدم، وحركة الضحية أو الجاني بعد الإصابة.
2. مفهوم تحليل أنماط بقع الدم (Bloodstain Pattern Analysis - BPA)
تحليل أنماط بقع الدم هو علم يدرس خصائص وأشكال وتوزيع الدم على الأسطح المختلفة بهدف فهم الأحداث التي أدت إلى إنتاج تلك الأنماط. يعتمد التحليل على مبادئ الفيزياء، والهيدروديناميكا، وعلم التشريح، وتفاعلات السوائل مع المواد المختلفة.
3. دور الصور المفصلة والمرتبة زمنيًا
3.1 التصوير الممنهج:
تصوير عام لمسرح الجريمة من زوايا متعددة.
تصوير مقرب لكل بقعة دم مع مقياس.
تصوير متسلسل لحركة بقع الدم (بمسارات على الأرض أو الجدران).
استخدام تقنيات تصوير خاصة مثل الأشعة تحت الحمراء أو الفوق بنفسجية للكشف عن الدم غير المرئي.
3.2 الفائدة الزمنية:
يساعد ترتيب الصور بحسب توقيت الاكتشاف والمعالجة في تتبع تسلسل الأحداث.
توثيق التغيرات التي تطرأ على الأدلة مع الزمن (تجلط الدم، امتصاصه، تغيّر لونه...).
4. تحليل اتجاه الدم وحركة الجسم
4.1 تحليل الاتجاه:
يُستنتج اتجاه سقوط الدم من شكل البقعة:
بقعة دائرية = سقوط عمودي.
بقعة بيضاوية بذيل = سقوط بزاوية، والذيل يشير إلى الاتجاه.
4.2 السرعة والتأثير:
بقع متناثرة صغيرة = ناتجة عن طلق ناري.
بقع متوسطة = عنف جسدي (ضرب بأداة).
بقع كبيرة = نزيف بفعل الطعن.
4.3 تتبع حركة الجسم:
سلسلة من البقع تقود إلى مكان آخر تشير إلى حركة الضحية بعد الإصابة.
بقع متقطعة = حركة متسارعة.
بقع نزيف كثيف على الأرض = فقدان وعي أو سقوط.
5. التطبيقات العملية في مسرح الجريمة
تحديد موقع الضحية والجاني أثناء حدوث الجريمة.
معرفة عدد الضربات أو الطعنات من عدد البقع واتجاهها.
استبعاد أو إثبات رواية الشهود أو اعتراف المتهم بمطابقتها مع أنماط الدم المصورة.
إعادة تمثيل الجريمة بصريًا اعتمادًا على الصور المرتبة.
6. التحديات والقيود
التشويش على الأدلة نتيجة التعامل الخاطئ مع مسرح الجريمة.
عدم توفر إضاءة أو معدات تصوير دقيقة.
صعوبة تفسير بعض الأنماط بسبب تداخل السوائل أو تعدد المصادر.
يمثل تحليل اتجاه الدم وحركة الجسم عبر صور مفصلة ومرتبة زمنيًا ركيزة أساسية في التحقيقات الجنائية الحديثة. فهو لا يكتفي بتوثيق الأدلة، بل يتيح إعادة بناء أحداث الجريمة من خلال قراءة علمية دقيقة لسلوك الدم. ومع تطور تقنيات التصوير والتحليل الرقمي، سيصبح هذا المجال أكثر دقة وموثوقية في دعم العدالة الجنائية.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق