البيانات الضخمة في الأدلة الجنائية: كيف تساعد في كشف الجرائم
في العصر الرقمي الحديث، أصبحت البيانات موردًا لا يقل أهمية عن البصمات أو الأدلة المادية. ومع تزايد حجم المعلومات الناتجة عن الهواتف، الإنترنت، الكاميرات، وحركة الأفراد، ظهرت البيانات الضخمة (Big Data) كأداة قوية في يد المحققين لكشف الجرائم وتحليل سلوك المجرمين.
---
أولًا: ما هي البيانات الضخمة؟
البيانات الضخمة تشير إلى مجموعات ضخمة ومتنوعة من المعلومات، تُجمّع بسرعة من مصادر متعددة مثل:
وسائل التواصل الاجتماعي
سجلات الهواتف
كاميرات المراقبة
أنظمة GPS
قواعد بيانات حكومية أو مصرفية
الإنترنت (مواقع، بريد إلكتروني، نشاط المستخدم)
وتُحلل هذه البيانات باستخدام أدوات متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لاستخلاص أنماط وعلاقات ذات دلالة جنائية.
---
ثانيًا: كيف تُستخدم البيانات الضخمة في التحقيقات الجنائية؟
1. التنبؤ بالجرائم (Predictive Policing)
تُستخدم النماذج التحليلية لتوقع أماكن وأوقات محتملة لحدوث جرائم، استنادًا إلى بيانات تاريخية مثل:
كثافة الجرائم في المناطق
أنماط تحرك المشتبه بهم
الأحداث الاجتماعية أو الاقتصادية المؤثرة
2. تحليل سلوك المجرمين
من خلال مراجعة أنشطة مشبوهة عبر الإنترنت أو تغيّر في سلوك المستخدم على تطبيقات معينة، يمكن رصد نوايا إجرامية قبل تنفيذ الجريمة.
3. تتبع التحركات والعلاقات
البيانات التي تولدها الهواتف الذكية ووسائل التواصل تُستخدم لرسم خرائط لحركة الأشخاص، ومعرفة من التقى بمن، وأين، ومتى.
4. دعم الأدلة الرقمية في المحاكم
تُستخدم سجلات رقمية مثل رسائل البريد، مواقع GPS، سجلات المكالمات، والأنشطة على الإنترنت كأدلة دامغة تدعم التحقيقات وتُستخدم أمام القضاء.
---
ثالثًا: أمثلة تطبيقية
في جرائم القتل: تحليل بيانات الهاتف المحمول يُمكن أن يثبت وجود المشتبه به في موقع الجريمة.
في الجرائم الإلكترونية: يمكن تتبع عناوين IP، وتحديد المصدر الزمني للهجمات.
في جرائم الإرهاب: تُستخدم البيانات الضخمة لرصد التحركات، الاتصالات، والمحتوى المنشور في الشبكات المشبوهة.
---
رابعًا: التحديات المرتبطة بالبيانات الضخمة
رغم فعاليتها، إلا أن استخدام البيانات الضخمة في التحقيقات يواجه عدة تحديات، منها:
انتهاك الخصوصية
الحاجة لتقنيات تحليل دقيقة ومعقدة
صعوبة التحقق من صحة بعض البيانات
ضرورة وجود تشريعات تنظم استخدامها قضائيًا
---
خاتمة
البيانات الضخمة لم تعد مجرد أداة تحليل، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا في كشف الجرائم وملاحقة المجرمين. قدرتها على كشف الأنماط والعلاقات المخفية تمنح المحققين ميزة غير مسبوقة في حل القضايا المعقدة. ومع التطور المستمر في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، من المتوقع أن تلعب هذه التقنية دورًا متزايدًا في مستقبل العدالة الجنائية.
جامعة المستقبل الجامعة الاولى في العراق