إعداد
الأستاذ الدكتورة ثناء بهاء الدين عبد الله
مقدمة:
يوم الغدير هو أحد الأحداث المحورية في التاريخ الإسلامي الذي يحمل دلالات عميقة على المستويات الدينية والسياسية والاجتماعية. نحتفل سنويًا بهذا اليوم في الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام هجري، إحياءً لذكرى الخطبة التي ألقاها النبي محمد (ص) في غدير خم بالقرب من الجحفة، وهو مفترق طرق بين مكة والمدينة، وذلك عند عودته من حجة الوداع، التي تضمنت تنصيب الإمام علي بن أبي طالب (ع) خليفة ووصياً من بعده. حيث جمع النبي (ص) الحجاج الذين كان عددهم يقارب 120 ألفاً، وألقى خطبةً ذكر فيها فضائل الإمام علي (ع) وقال: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه". وتشير المصادر التاريخية إلى أن الاحتفال بيوم الغدير كعيد ديني أضيفت فيه مظاهر احتفالية كتوزيع الصدقات وعتق الرقاب .ومن المستحبات في هذا اليوم هو الصيام، و إحياء الذكرى بالصلوات والمواعظ، وتبادل التهاني والزيارات فضلًا عن إظهار الفرح والابتهاج. وتختلف مظاهر الاحتفال المعاصرة بهذا اليوم بين المجتمعات ولكنها تشمل عادةً: إقامة المجالس والمواكب الاحتفالية، و تلاوة خطبة الغدير وشرح دلالاتها فضلًا عن توزيع الطعام والصدقات وإلقاء القصائد والمدائح النبوية. وقد شهدت العقود الأخيرة تطوراً في الدراسات حول الغدير كالدراسات الأنثروبولوجية: طقوس الاحتفال بالغدير. والدراسات النفسية: كالبعد العاطفي لذكرى الغدير.
تشمل الأبعاد الإرشادية التربوية والنفسية لاحتفالية يوم الغدير:
أولًا: الأبعاد الإرشادية ليوم الغدير:
أ.التوجيه الأسري والتربوي: أظهرت فعاليات عيد الغدير إمكانية توظيفه كمنصة للإرشاد الأسري، من خلال تنظيم مركز الإرشاد الأسري دورات "إعداد المرشد الأسري الناجح" بالتزامن مع الاحتفال بالغدير، وهذه الدورات تهدف إلى:
- تأهيل مرشدات أسريات قادرات على حل المشكلات الأسرية.
- تعزيز مهارات الإرشاد النفسي والتربوي.
- تطوير قدرات الإصلاح بين الأسر.
ب.الإرشاد القيمي والأخلاقي: يعمل يوم الغدير كحاضنة لقيم الولاء والانتماء، حيث يتم توظيفه في:
- تعزيز قيم العدل والمساواة المستمدة من سيرة الإمام علي (ع(.
- ترسيخ مبادئ الولاية كإطار قيمي شامل.
- بناء الهوية الدينية الرصينة.
ثانيًا: الأبعاد التربوية للاحتفال بالغدير:
أ. التربية الروحية والعقائدية: تشكل احتفالات الغدير فرصة تربوية فريدة من خلال:
- تعميق المفاهيم العقائدية حول الإمامة والخلافة.
- ربط الأجيال الجديدة بتراث أهل البيت (ع(.
- تنمية الوعي التاريخي والديني.
ب. التربية المجتمعية: تقوم الجامعات والمؤسسات التعليمية بتنظيم فعاليات تربوية متنوعة خلال هذه المناسبة، مثل:
- توزيع الحلوى في أروقة الجامعة.
- إقامة المحافل الأدبية والثقافية.
- تنظيم المسابقات العلمية والتربوية.
ثالثًا: الأبعاد النفسية لاحتفالية الغدير:
أ. تعزيز الصحة النفسية: تساهم فعاليات الغدير في:
- خلق جو من الفرح والابتهاج النفسي.
- تعزيز الشعور بالانتماء والهوية.
- تخفيف الضغوط النفسية عبر المشاركة الجماعية.
ب. العلاج بالولاية: يمكن اعتبار الولاية لأمير المؤمنين (ع) مصدراً للشفاء النفسي من خلال:
- الإحساس بالأمان الروحي.
- وجود القدوة الحسنة في الشخصية العلوية.
- التعزيز الإيجابي عبر المدائح والزيارات.
توظيف يوم الغدير في البرامج الإرشادية:
أ. تصميم البرامج الوقائية: يمكن للجهات المعنية الاستفادة من هذه المناسبة في:
- تصميم برامج إرشادية وقائية للشباب.
- تنظيم ورش عمل للتربية الأسرية.
- إقامة ندوات حول حل المشكلات الاجتماعية.
ب. الإرشاد الجمعي: تمثل الاحتفالات الجماعية بالغدير فرصة ممتازة للإرشاد الجمعي من خلال:
- استغلال التجمعات الكبيرة للتوعية.
- تقديم الخدمات الإرشادية للمحتاجين.
- اكتشاف الحالات النفسية التي تحتاج متابعة.
التوصيات والتطبيقات العملية:
أ. في المؤسسات التربوية:
- إدراج موضوع الغدير في المناهج التربوية.
- تنظيم مسابقات بحثية حول أبعاده الإرشادية.
- توظيف الفنون في تقديم مضامينه التربوية.
ب. في المؤسسات الإرشادية:
- تصميم برامج إرشادية سنوية بمناسبة الغدير.
- تدريب المرشدين على توظيف المناسبات الدينية في العمل الإرشادي.
- إنتاج مواد إرشادية مستوحاة من قيم الغدير.
خاتمة:
تمثل احتفالية يوم الغدير مخزوناً ثقافياً وتربوياً يمكن توظيفه بكفاءة في المجالات الإرشادية والنفسية من خلال الفهم العميق لهذه الأبعاد، يمكن تحويل المناسبة الدينية إلى مشروع تنموي شامل يلامس احتياجات المجتمع التربوية والنفسية، مع الحفاظ على قدسيتها وروحانيتها.
المراجع:
1. العتبة الحسينية - مركز الإرشاد الأسري (2023). دورة إعداد المرشد الأسري الناجح.
2. جامعة الزهراء (ع) (2023). فعاليات قسم الإرشاد النفسي بمناسبة الغدير.
3. جامعة العميد (2021). فعالية الإرشاد النفسي بمناسبة الغدير.
4. برنامج الإرشاد النفسي والتربوي، الجامعة الأردنية.


( جامعة المستقبل هي الجامعة الاولى في العراق)