انت الان في قسم العلوم التربوية والنفسية

محو الأمية: المفتاح نحو تنمية مستدامة للفرد والمجتمع تاريخ الخبر: 15/09/2025 | المشاهدات: 268

مشاركة الخبر :

اعداد : أ.د ثناء بهاء الدين عبد اللة

مقدمة:
محو الأمية ليس مجرد عملية تعلم القراءة والكتابة، بل هو أداة تمكين تسمح للأفراد بالمشاركة الفعالة في المجتمع، وتحسين جودة حياتهم، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. على الرغم من التقدم الكبير في خفض معدلات الأمية عالمياً، لا يزال هناك حوالي 763 مليون شخص من البالغين والأطفال يفتقرون إلى المهارات الأساسية في القراءة والكتابة . تهدف هذه المقالة إلى استعراض مفهوم محو الأمية، أهميته، التحديات التي يواجهها، وأبرز الاستراتيجيات المعتمدة لمكافحته.

تعريف الأمية ومفهوم محو الأمية:
الأمية تعني عدم القدرة على القراءة والكتابة وفهم نصوص بسيطة تتعلق بالحياة اليومية. لكن المفهوم تطور ليشمل أنواعاً أخرى مثل الأمية الرقمية والوظيفية والصحية.
أما محو الأمية فهو عملية توفير التعليم والمهارات الأساسية للأميين لتمكينهم من المشاركة في المجتمع وتحسين ظروفهم المعيشية. عرفت اليونسكو، محو الأمية هو "سلسلة متواصلة من التعلم طوال الحياة وتطوير المعارف لتحقيق الأهداف والمشاركة الكاملة في المجتمع".

تطور مفهوم محو الأمية:
· المفهوم التقليدي: يركز على تعلم الحروف الأبجدية والعمليات الحسابية الأساسية.
· المفهوم الحديث: يشمل القدرة على التفاعل مع المعلومات والمجتمع، وفهم الوسائط الرقمية، والتكيف مع متطلبات العصر .

إحصائيات عالمية وعربية:
ـ عالمياً: ارتفع معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين (15 عاماً فأكثر) من 67% عام 1976 إلى 87% عام 2022 .
ـ لا يزال 763 مليون شخص (غالبيتهم من النساء) يفتقرون إلى المهارات الأساسية.
ـ في العالم العربي: تصل نسبة الأمية إلى حوالي 61% حسب بعض التقارير، مع تفاوت كبير بين الدول.
ـ 260 مليون طفل خارج المدرسة، وأكثر من نصف الأطفال والمراهقين لا يملكون مهارات القراءة والحساب الأساسية.

أهمية محو الأمية:
1. مكافحة الفقر: محو الأمية يزيد فرص العمل والدخل. إذا حصل جميع البالغين على سنتين إضافيتين من التعليم، يُمكن انتشال 60 مليون شخص من الفقر.
2. تحسين الصحة: الأمية الصحية تساعد في فهم المعلومات الطبية وتقليل الوفيات.
3. تعزيز المساواة: محو الأمية يقلص الفجوة بين الجنسين ويمكّن المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا .
4. دعم التنمية المستدامة: المجتمعات المتعلمة أكثر قدرة على المشاركة في القرارات السياسية والاجتماعية والمساهمة في النمو الاقتصادي.

أنواع الأمية:
ـ الأمية الأساسية هي عدم القدرة على القراءة والكتابة. مثل: شخص لا يستطيع قراءة جملة بسيطة أو كتابة اسمه.
ـ الأمية الوظيفية هي عدم القدرة على استخدام القراءة والكتابة في الحياة اليومية. مثل صعوبة فهم التعليمات أو ملء النماذج الرسمية.
الأمية الرقمية هي عدم القدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة. وعدم القدرة على استخدام الحاسوب أو الإنترنت.
ـ الأمية الصحية هي عدم القدرة على فهم المعلومات الصحية واتخاذ قرارات صائبة. وعدم فهم تعليمات الدواء أو نصائح التغذية.
ـ الأمية الإعلامية هي عدم القدرة على تحليل الأخبار والمعلومات نقديًا. وتصديق الأخبار الكاذبة دون التحقق من المصادر.
ـ الأمية المالية هي عدم القدرة على إدارة الأمور المالية بشكل سليم. وصعوبة في إعداد ميزانية أو فهم القروض والفوائد.

التحديات التي تواجه محو الأمية:
1. الفقر والنزاعات: يعيق الفقر والنزاعات المسلحة الوصول إلى التعليم في العديد من المناطق، بخاصة في إفريقيا وجنوب آسيا.
2. التسرب المدرسي: يُعد التسرب من المدارس أحد أهم روافد الأمية، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة.
3. عدم المساواة بين الجنسين: في بعض المجتمعات، لا تزال الفتيات محرومات من التعليم بسبب العادات والتقاليد.
4. نقص الموارد: نقص التمويل والبنية التحتية التعليمية والموارد البشرية المتخصصة يعيق برامج محو الأمية.
5. جائحة كوفيد-19: تسببت الجائحة في إغلاق المدارس وتعطيل التعليم، مما أدى إلى زيادة عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس.

استراتيجيات وبرامج محو الأمية:
1. برامج تعليم الكبار: توفير فصول دراسية مرنة للكبار الذين فاتهم قطار التعليم في الصغر .
2. دمج التكنولوجيا: استخدام المنصات الرقمية والتطبيقات التفاعلية لتعليم القراءة والكتابة، خاصة بعد جائحة كوفيد-19 .
3. مبادرات المجتمع المدني: مشاركة المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في برامج محو الأمية، مثل مبادرة "تحدي محو الأمية في العالم العربي" في الإمارات.
4. تحفيز المشاركة: ربط محو الأمية بفرص العمل أو تقديم حوافز مادية للمشاركين.
5. تعليم النساء والفتيات: تمكين المرأة من خلال التعليم فهو أحد أكثر الاستراتيجيات فاعلية في مكافحة الأمية.

جهود اليونسكو:
ـ تُعد اليونسكو من أبرز المنظمات الدولية التي تقود جهود محو الأمية منذ عام 1946.
ـ تهدف إلى خفض معدل الأمية إلى أقل من 10% بحلول 2030 تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة .
ـ تقدم جوائز دولية مثل جائزة الملك سيجونغ وجائزة كونفوشيوس لتشجيع المبادرات المبتكرة في هذا المجال.

دور الحكومات والمجتمع:
ـ الحكومات: توفير تعليماً مجانياً وإلزامياً عالي الجودة، مع زيادة الاستثمار في البنية التحتية التعليمية .
ـ الأسرة: للوالدين دور أساسي في تنمية مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال منذ مرحلة ما قبل المدرسة ـ المجتمع المدني: يمكن للمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص المساهمة في إنشاء فصول محو أمية وتقديم الدعم المادي والمعنوي.
ـ الأفراد: يمكن للشباب المتعلمين التطوع في تعليم الكبار أو دعم زملائهم في المناطق النائية .

وخلاصة القول : محو الأمية هو حق أساسي من حقوق الإنسان وأداة حيوية للقضاء على الفقر وعدم المساواة وتحقيق التنمية المستدامة. ولا تزال التحديات قائمة، بخاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات والفقر. ويتطلب القضاء على الأمية جهوداً متضافرة من الحكومات والمجتمع المدني والأفراد، مع التركيز على البرامج التعليمية وشمولية الفئات المهمشة. والتعلم مدى الحياة يمكن بناء مجتمعات أكثر سلاماً وعدلاً واستدامة.

المصادر:
ـ تقرير ماتش: "إحصائيات حول تقدم محو الأمية العالمية".
ـ تعزيز محو الأمية من أجل مجتمعات مستدامة -تقرير الأمم المتحدة.
ـ اليونسكو: محو الأمية هو الخطوة الأولى نحو الحرية - UN News
- د. عبدالرحيم محمد: "من نحو الأمية إلى محو الأمية".
ـ CRDP" الأمية: أسباب وحلول".


(جامعة المستقبل هي الجامعة الاولى في العراق )