تشكل الصحة الجيدة أحد الأهداف الأساسية ضمن خطة التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة، حيث يُعد الهدف الثالث: "الصحة الجيدة والرفاه" دعامة رئيسية لبناء مجتمعات مزدهرة ومستقرة. وفي هذا السياق، يُطرح سؤال جوهري حول دور التغذية السليمة، خاصة المنتجات الحيوانية، في تحقيق هذا الهدف.
فالمنتجات الحيوانية الصحية – مثل اللحوم الخالية من المضادات الحيوية، والألبان الطبيعية، والبيض العضوي – تحتوي على عناصر غذائية أساسية تُسهم في دعم النمو السليم، وتقوية المناعة، والوقاية من الأمراض. غير أن استهلاك هذه المنتجات يجب أن يتم ضمن إطار استدامي يأخذ في الاعتبار الأثر البيئي للإنتاج الحيواني، ورفاهية الحيوان، وعدالة التوزيع الغذائي.
في هذا المقال، نستعرض كيف يمكن لاستخدام المنتجات الحيوانية الصحية أن يُسهم في تعزيز الصحة العامة، وما هي المعايير التي تجعل هذا الاستخدام متوافقًا مع مبادئ الاستدامة، لنحقق توازنًا بين التغذية السليمة وصحة الإنسان من جهة، وصحة الكوكب من جهة أخرى. تُعدّ المنتجات الحيوانية مصدرًا غنيًا بالعناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات عالية الجودة، والحديد، والزنك، وفيتامين B12، وهي عناصر ضرورية للنمو السليم، وتقوية جهاز المناعة، والحفاظ على صحة الدماغ والعضلات. ومع ذلك، فإن جودة هذه المنتجات تعتمد بشكل كبير على طريقة إنتاجها. المنتجات الحيوانية الصحية هي تلك التي تُنتج بطرق تضمن خلوها من الهرمونات والمضادات الحيوية الضارة، وتحترم معايير الرفق بالحيوان، وتراعي شروط النظافة وسلامة الغذاء.
في إطار أهداف الاستدامة، وخاصة الهدف الثالث المتعلق بالصحة الجيدة، يصبح من الضروري التشجيع على استهلاك المنتجات الحيوانية التي تساهم في الوقاية من الأمراض المزمنة كأمراض القلب والسكري، والتي تُنتج بطرق تحافظ على البيئة وتقلل من الانبعاثات الكربونية. فالتوازن مطلوب بين الحاجة إلى الغذاء الحيواني وبين تقليل الأثر البيئي المرتبط بالإنتاج المكثف وغير المنظم.
كما أن دعم المزارع المحلية الصغيرة التي تتبع أساليب إنتاج مستدامة يساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الصحة المجتمعية. وتكمن أهمية هذا التوجه في تحسين نوعية الحياة للأفراد من خلال غذاء صحي وآمن، وفي الوقت نفسه حماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. إن دمج الصحة والتغذية في رؤية الاستدامة يضمن بناء نظام غذائي أكثر عدالة وكفاءة على المدى الطويل. جامعة المستقبل الاولى على الجامعات الاهلية.