مقدمة
تواجه المجتمعات المعاصرة تحديات كبيرة تتعلق بالأمن الغذائي، والصحة العامة، والتغيرات البيئية، وهو ما جعل مفهوم "التنمية المستدامة" محوريًا في خطط التنمية على مستوى العالم. وفي هذا السياق، يُعد الطبيب البيطري أحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، من خلال أدواره المتعددة التي تتقاطع مع الصحة، والبيئة، والاقتصاد.
أولاً: الدور الصحي
يلعب الطبيب البيطري دورًا مهمًا في حماية الصحة العامة من خلال الوقاية من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان (Zoonotic Diseases)، مثل السل البقري، وداء الكلب، وإنفلونزا الطيور. كما يساهم في مراقبة سلامة الغذاء ذي الأصل الحيواني، وذلك بفحص اللحوم، والحليب، والبيض، والتأكد من خلوها من الميكروبات، والمضادات الحيوية، والمواد الكيميائية الضارة. كل ذلك يصب في تعزيز صحة الإنسان، وتقليل الأعباء على النظام الصحي.
ثانيًا: الدور البيئي
يساهم الأطباء البيطريون في حماية البيئة بطرق متعددة، أبرزها الإشراف على التخلص الآمن من المخلفات الحيوانية، وتوجيه المزارع إلى ممارسات صحية تحد من التلوث. كما يشاركون في برامج الحفاظ على التنوع البيولوجي، عبر تقديم الرعاية للحيوانات البرية والمهددة بالانقراض، وحمايتها من الأمراض.
ثالثًا: الدور الاقتصادي
يساهم الطبيب البيطري في تنمية الاقتصاد الوطني من خلال دعم قطاع الإنتاج الحيواني، والذي يمثل مصدرًا رئيسيًا للغذاء والدخل، لا سيما في المجتمعات الريفية. كما يعمل على تحسين كفاءة الإنتاج الحيواني عبر تقديم الاستشارات البيطرية واللقاحات والعلاجات، مما يقلل من نفوق الحيوانات ويزيد من الأرباح. بالإضافة إلى ذلك، يشارك في مراقبة جودة المنتجات الحيوانية المصدّرة، ما يعزز الثقة بالمنتج الوطني في الأسواق العالمية.
رابعًا: الدور الاجتماعي والتوعوي
لا يقتصر دور الطبيب البيطري على الجوانب الفنية، بل يتعداها إلى نشر الوعي البيطري بين أفراد المجتمع. فهو يساهم في التثقيف الصحي حول تربية الحيوانات، والوقاية من الأمراض، والرفق بالحيوان، ما يعزز من الوعي المجتمعي تجاه البيئة والإنسان والحيوان معًا. كما يلعب دورًا في مكافحة العنف ضد الحيوانات وتوفير الرعاية للحيوانات المتروكة والمصابة.
خاتمة
إن الطبيب البيطري لا يعمل في عزلة عن المجتمع، بل يُعد جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الصحية والبيئية والاقتصادية. ومن خلال أدواره المتعددة، يُسهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، لا سيما الأهداف المتعلقة بالقضاء على الجوع، وتحسين الصحة، وضمان سلامة البيئة. لذا فإن دعم القطاع البيطري وتطويره يجب أن يكون ضمن أولويات خطط التنمية المستدامة في أي مجتمع يسعى إلى مستقبل آمن ومتوازن.
جامعة المستقبل الاولى على الجامعات الاهلية