مقدمة
في إنجاز غير مسبوق، أعلن علماء من جامعة كامبريدج البريطانية بالتعاون مع معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) عن نجاحهم في إنتاج جنين بشري اصطناعي يشبه الأجنة الحقيقية في مراحلها المبكرة، دون استخدام بويضة أو حيوان منوي أو رحم. تم ذلك من خلال إعادة برمجة خلايا جذعية بشرية، مما أثار ضجة واسعة في الأوساط العلمية والطبية والأخلاقية.
ما الذي فعله العلماء؟
يعتمد هذا الإنجاز على الخلايا الجذعية متعددة القدرات (pluripotent stem cells) التي تمت برمجتها لتكوين ثلاث طبقات رئيسية تحاكي مراحل تطور الجنين الطبيعي:
الكتلة الجنينية الداخلية (Inner Cell Mass): التي تتطور إلى الجنين نفسه.
الكيس المحي (Yolk Sac): يوفر الغذاء في المراحل الأولى.
المشيمة البدائية (Trophoblast): تساهم في تكوين المشيمة.
وقد نمت هذه التراكيب داخل بيئة مخبرية مخصصة، ونظمت الخلايا نفسها تلقائيًا دون تدخل جيني مباشر، مكونة بنية شبيهة جدًا بالجنين الطبيعي في عمر 14 يومًا.
الفوائد العلمية المحتملة
🔬 فهم أعمق للتكوين الجنيني البشري:
تتيح هذه النماذج دراسة مرحلة ما قبل التعشيش (implantation)، التي لم تكن ممكنة سابقًا.
🧬 فهم أسباب الإجهاض المتكرر والتشوهات الخلقية.
🧪 اختبار الأدوية والتقنيات الجينية دون الحاجة إلى أجنة بشرية حقيقية.
🧫 تطوير تقنيات جديدة لعلاج العقم أو تحسين تقنيات التلقيح الصناعي.
هل هذا جنين بشري فعلي؟
الإجابة المختصرة: لا.
رغم أن هذه النماذج تحاكي الجنين البشري من حيث الشكل والتنظيم، إلا أنها:
لا تمتلك القدرة الكاملة على التطور إلى كائن حي.
لا تحتوي على شفرة وراثية مكتملة من والدين.
لم تُزرع في رحم ولم تبدأ في تكوين أعضاء كاملة.
بالتالي، فهي تعتبر "نماذج شبه جنينية"، مما يجعلها خارج التعريف القانوني للأجنة في معظم التشريعات الحالية.
القضايا الأخلاقية والقانونية
هذا التقدم العلمي يثير تساؤلات أخلاقية كبيرة:
⚖️ هل يُسمح بتطوير هذه النماذج لأكثر من 14 يومًا؟ (الحد القانوني في كثير من الدول).
🧑⚖️ هل يجب تعديل القوانين لتغطية هذا النوع الجديد من "الأجنة"؟
👩🔬 ما الحدود الأخلاقية لأبحاث "التكاثر الصناعي"؟
ويخشى بعض العلماء من أن فتح هذا الباب قد يؤدي مستقبلاً إلى استخدام هذه التكنولوجيا لأغراض غير علمية أو غير إنسانية، مثل محاولة "تصنيع" أجنة بشرية كاملة.
الخلاصة
إنتاج جنين شبيه بالجنين البشري دون بويضة أو حيوان منوي يمثل قفزة غير مسبوقة في علم الأحياء التطوري والطب التناسلي، لكنه في الوقت ذاته يطرح تحديات أخلاقية وقانونية ضخمة.
نحن أمام مرحلة جديدة من العلاقة بين العلم والأخلاق، تتطلب إطارًا قانونيًا عالميًا صارمًا وتنظيمًا دقيقًا لهذه الأبحاث، لضمان استخدامها في خدمة الإنسانية لا في تجاوز حدودها.
جامعة المستقبل اللاولى على الجامعات الاهلية