انت الان في قسم تقنيات الكلية الصناعية

مقالة علمية للتدريسي م.د. مسلم محمد موسى بعنوان تعدد الأشكال الجينية لجيني SOD2 و GPX1 وتأثيرها في مؤشرات الإجهاد التأكسدي لدى عيّنة من السكان المصابين بمرض الكلى المزمن تاريخ الخبر: 06/10/2025 | المشاهدات: 21

مشاركة الخبر :

المقدمة
تُعدّ أمراض الكلى المزمنة من أبرز التحديات الصحية التي تواجه المجتمعات الحديثة، لما تفرضه من عبء متزايد على أنظمة الرعاية الصحية والاقتصاد الوطني، فضلاً عن تأثيرها العميق في نوعية حياة الإنسان. وتشير الأدلة العلمية الحديثة إلى أن الإجهاد التأكسدي يُعد عاملاً محورياً في تطوّر المرض ومضاعفاته، إذ يؤدي اختلال التوازن بين إنتاج الجذور الحرة وضعف منظومة الدفاع المضاد للأكسدة إلى تراكم التلف الجزيئي في الخلايا والأنسجة الكلوية.
يُعد كلٌّ من إنزيم السوبر أوكسيد ديسميوتاز (SOD2) وإنزيم الغلوتاثيون بيروكسيداز (GPX1) من الركائز الأساسية في منظومة الدفاع التأكسدي داخل الجسم. يقوم الإنزيم الأول بتحويل الجذور الحرة النشطة إلى بيروكسيد الهيدروجين، في حين يتولى الإنزيم الثاني تفكيك هذا المركب السام باستخدام الغلوتاثيون كعامل مساعد رئيسي للحفاظ على التوازن التأكسدي داخل الخلية. وقد أظهرت الدراسات الجزيئية أن التعددات الشكلية الوراثية في هذه الجينات قد تُضعف النشاط الأنزيمي، مما يزيد من احتمالية الإصابة بمرض الكلى المزمن نتيجة تراكم نواتج الأكسدة وتراجع قدرة الجسم على مقاومة الضرر التأكسدي.
إن دراسة العلاقة بين التغايرات الجينية في SOD2 وGPX1 ومستويات المؤشرات الحيوية للإجهاد التأكسدي تمثل خطوة علمية متقدمة نحو فهمٍ أعمق للأسس الجزيئية المسببة للأمراض الكلوية المزمنة. كما تسهم هذه الدراسات في وضع أسس لتطوير أدوات تشخيصية تعتمد على التحليل الجيني، واستراتيجيات علاجية موجهة تهدف إلى تعزيز التوازن التأكسدي وتقليل التلف الخلوي. ومن هذا المنطلق، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة بين التغيرات الجينية في هذين الإنزيمين ومؤشرات الإجهاد التأكسدي لدى مرضى الفشل الكلوي المزمن، بغية تحديد الترابط الجيني–البيوكيميائي الذي قد يفسر التباين في القابلية للإصابة وشدة تطور المرض.
الخاتمة
كشفت النتائج أن التعددات الشكلية في الجينات المضادة للأكسدة، وبشكل خاص SOD2 وGPX1، تسهم بدورٍ فاعل في زيادة احتمالية الإصابة بمرض الكلى المزمن من خلال إضعاف آليات الدفاع الخلوية ضد الجذور الحرة وتفاقم الضرر التأكسدي في الأنسجة الكلوية. إذ يؤدي انخفاض النشاط الأنزيمي الناتج عن هذه الطفرات إلى ارتفاع مستويات مؤشرات الأكسدة مثل المالوندايالديهايد (MDA) والنترون تايروسين وغيرها، مما يسهم في التدهور التدريجي لوظائف الكلى.
وتؤكد هذه النتائج أهمية توظيف التحليل الجيني الشخصي في التقييم المبكر لمخاطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة، واعتماد منهج الطب الدقيق (Precision Medicine) كخيار مستقبلي في مجالي التشخيص والعلاج. كما تبرز الحاجة إلى تعزيز استراتيجيات الحماية التأكسدية عبر دعم فعالية الإنزيمات المضادة للأكسدة، سواء بالمكملات الغذائية أو العلاجات الدوائية أو التعديلات السلوكية والبيئية.
وفي الختام، يمكن القول إن فهم العلاقة بين التغيرات الوراثية في SOD2 وGPX1 ومؤشرات الإجهاد التأكسدي لا يمثل إنجازاً بحثياً فحسب، بل يشكّل قاعدة علمية راسخة تسهم في تطوير سياسات وقائية وعلاجية أكثر دقة وفاعلية، تهدف إلى تقليل العبء الصحي والاقتصادي الناجم عن أمراض الكلى المزمنة، وتحسين جودة حياة المرضى من خلال تدخلات طبية موجهة ومتكاملة.

جامعة المستقبل – الجامعة الأولى في العراق