انت الان في قسم هندسة تقنيات الاجهزة الطبية

تأريخ التعليم في العراق History of education in Iraq تاريخ الخبر: 21/08/2022 | المشاهدات: 2067

مشاركة الخبر :

يمكن اعتبار التعليم على أنه نقل للقيم والمعرفة المتراكمة للمجتمع. وبهذا المعنى، فهو يعادل ما يسميه علماء الاجتماع التنشئة الاجتماعية أو الثقافية . تم تصميم التعليم لإرشادهم في تعلم الثقافة، وصياغة سلوكهم في طرق البلوغ، وتوجيههم نحو دورهم النهائي في المجتمع. في معظم الثقافات البدائية، غالبًا ما يكون هناك القليل من التعلم الرسمي.
باختصار، هناك تطوير فلسفات ونظريات التعليم. تناقش هذه المقالة تاريخ التعليم، وتتبع تطور التعليم الرسمي للمعرفة والمهارات من عصور ما قبل التاريخ والعصور القديمة إلى الوقت الحاضر، مع الأخذ في الاعتبار الفلسفات المختلفة التي ألهمت الأنظمة الناتجة.
ثقافات ما قبل التاريخ
بالنسبة للتعليم ما قبل التاريخ، فلا يمكن استنتاجه إلا من الممارسات التربوية في الثقافات البدائية الباقية، وبالتالي فإن الغرض من التعليم البدائي هو توجيه الأطفال ليصبحوا أعضاء صالحين في قبيلتهم أو جماعتهم. هناك تركيز واضح على التدريب على المواطنة، لأن الأشخاص البدائيين يهتمون بشدة بنمو الأفراد كأعضاء قبليين والفهم الشامل لطريقة حياتهم أثناء الانتقال من مرحلة ما قبل البلوغ إلى ما بعد البلوغ.
التربية والتعليم في اقدم الحضارات
بدأ تاريخ الحضارة في الشرق الأوسط حوالي 3000 قبل الميلاد، في حين بدأت حضارة شمال الصين بعد حوالي ألف عام ونصف. ازدهرت حضارات بلاد ما بين النهرين والمصرية في وقت واحد تقريبًا خلال المرحلة الحضارية الأولى (3000-1500 قبل الميلاد). على الرغم من اختلاف هذه الحضارات، إلا أنها تشاركت في إنجازات أدبية ضخمة. جعلت الحاجة إلى إدامة هذه الحضارات المتطورة للغاية الكتابة والتعليم الرسمي لا غنى عنه.
التعليم في مصر
تم الحفاظ على الثقافة والتعليم المصريين والسيطرة عليهم بشكل رئيسي من قبل الكهنة، وهم نخبة فكرية قوية في الثيوقراطية المصرية والتي كانت بمثابة حصن سياسي من خلال منع التنوع الثقافي. كانت العلوم الإنسانية وكذلك المواد العملية مثل العلوم والطب والرياضيات والهندسة في أيدي الكهنة الذين درسوا في المدارس الرسمية. تم نقل المهارات المهنية المتعلقة بمجالات مثل الهندسة المعمارية والهندسة والنحت بشكل عام خارج سياق التعليم الرسمي. لقد طور المصريون نوعين من المدارس الرسمية للشباب المتميزين تحت إشراف المسؤولين الحكوميين والكهنة: أحدهما للكتبة والآخر للكهنة المتدربين للتعليم.
في بلاد ما بين النهرين
كحضارة معاصرة للحضارة المصرية، طورت بلاد ما بين النهرين تعليمًا مشابهًا تمامًا لنظيرتها فيما يتعلق بالغرض والتدريب. كان التعليم الرسمي عمليًا وكان يهدف إلى تدريب الكتبة والكهنة. وقد امتد من القراءة الأساسية والكتابة والدين إلى التعليم العالي في القانون والطب وعلم التنجيم. بشكل عام، كان شباب الطبقات العليا مستعدين ليصبحوا كتبة، وتراوحوا من الناسخين إلى المكتبيين والمعلمين. قيل أن مدارس الكهنة كانت عديدة مثل المعابد. وهذا لا يشير إلى شمولية التعليم الكهنوتي فحسب، بل أيضًا سموه. لا يُعرف سوى القليل عن التعليم العالي، لكن تقدم العمل الكهنوتي يسلط الضوء على الطبيعة الواسعة للسعي الفكري.
كما في حالة مصر، سيطر الكهنة في بلاد الرافدين على المجال الفكري والتعليمي وكذلك التطبيقي. كان مركز النشاط الفكري والتدريب هو المكتبة، التي كانت عادة ما تكون موجودة في معبد تحت إشراف كهنة مؤثرين. طرق التدريس والتعلم هي الحفظ والتكرار الشفهي والنسخ النماذج والتعليم الفردي. يُعتقد أن النسخ الدقيق للنصوص كان هو الأصعب والأكثر صعوبة وكان بمثابة اختبار للتميز في التعلم. كانت فترة التعليم طويلة وصارمة، وكان الانضباط قاسيًا.
انتقل التعليم في العصر العباسي نقلة نوعية (كيفية) وكمية معًا، فأصبح بحقٍّ عصر التخصص والترجمة والإبداع!

العصر العباسي (132 - 656هـ)
- ولا سيما في القرون الأربعة الأولى - تألَّق العقل الإسلامي معرفيًّا، من خلال (استيعاب وإبداع معًا) لفقه الإسلام وعلومه المختلفة (القرآنية والنبوية والعربية والإنسانية) التي تسمى علوم النقل.
ومِن خلال (استيعاب وإبداع معًا)، في مجال العلوم المشتركة مع كل الحضارات؛ وهي العلوم العقلية؛ طبًّا وفلكًا، وفيزياء وكيمياء، ورياضيات، ونبات، وعقاقير، وأدوية...، إلى آخره.
وبدأت في هذا العصر العباسي مدارس لكل العلوم تتشكَّل عبر أرض الإسلام، وتتفاعل وتتنافس وتتكامل عبر التخصصات المختلفة، ومن خلال معاهد العلم التي تجاوزت المسجد - مع أهميته واستمراريَّته - فاستقلَّت بنفسها بعد أن اتَّسعت دوائرها؛ ولهذا أُنشئت المدارس والجامعات ومجالس العلم، والمكتبات (دُور الحكمة)؛ وظلت تجتهد وتبدع، حتى صحَّ أن يقول فيها (ول ديورانت) "Will Durant" صاحب موسوعة (قصة الحضارة): لقد كانت الحضارة العالَمية الأولى والوحيدة والمهيمنة خلال أكثر من عشرة قرون...؛ أي: إلى ما بعد القرن السادس عشر الميلادي (العاشر الهجري
التعليم في العهد العثماني
خبرة الماضي البعيد انقطعت عن خبرة الماضي القريب ، وبدا التعليم في صورته العثمانية وكأنه ابتكار لا جذور له في الذاكرة الحضارية لم يكن اواخر العهد العثماني في العراق اكثر من 160 مدرسة تضم (6650) طالبا وطالبة ،
كثير منها اهلية تخص الطوائف الدينية ، موزعة في الولايات الثلاث كمايأتي :
ولاية بغداد
: وفيها 78 مدرسة سبع منها للبنات وتضم 3031 طالبا و 540 طالبة ويعمل فيها 161 معلما و22 معلمة
ولاية البصرة :
وفيها 31 مدرسة اثنتان منها فقط للبنات يدرس فيها 64 طالبا و31 طالبة ويقوم بالتدريس فيها (60) معلما واربع معلمات .
ولاية الموصل
: وفيها 51 مدرسة اربع منها للبنات وتضم 1948 طالبا و185 طالبة ويعمل فيها 78 معلما وست معلمات .
هذا اضافة الى بعض المدارس الثانوية ومعهد لإعداد المعلمين . وكان الاتراك يهدفون الى تثبيت سيادتهم على العراق باستغلال وحدة الدين ، ولذا فأن العناصر البارزة في مناهجهم الدراسية هي العقائد الاسلامية واللغة التركية والثقافة التركية والعلوم الحربية مع التدريب العسكري . وكان نظام التعليم يجري بحسب الطريقة الفرنسية التي تتميز بالمركزية والتماثل الشامل والنظام الصارم.
وعند احتلال الانكليز للعراق انشأوا نظارة المعارف العمومية وعهدوا بإدارتها الى احد ضباطهم (الميجر بومن) وصنفوا المدارس الى نوعين من التعليم : الاولي والابتدائي تختلف مناهج كل منهما عن الاخر . كما انشأوا عام 1918 مجلسا للمعارف صادق على منهج التعليم الابتدائي ودليل حفظ النظام . ولم تتوافر لدينا الاحصاءات عن عدد المدارس والطلاب في الفترة ما بين 1917-1920 اذ كانت المعارف في دوَر التكوين وتدار من قبل الانكليز مباشرة وقد استعين ببعض المثقفين العراقيين والضباط المسرحيين والملالي لتمشيه امور التعليم . (2)
وللتفصيل بهذا الشأن جابهت دائرة التعليم مشكلة توفير المدارس في العراق ، في الوقت الذي انعدمت فيه الاموال ، والبنايات ، والكتب ، والتجهيزات الاخرى والمعلمين اللازمين لذلك ولو بنسبة واحد في العشرة من الكميات الكافية . وبخطوات مخيبة للآمال على الدوام ، لكنها اكثر سرعة من الناحيتين المالية والوظيفية ، ثم فتح المدارس الابتدائية التي كانت تهدف الى تحقيق مستويات طيبة ، حيث بلغ مجموع هذه المدارس (75) خمسا وسبعين مدرسة في نهاية سنة 1919
كانت (65) من تلك المدارس تدرّس باللغة العربية ، و (11) باللغة التركية ، و(7) باللغة الكردية ، وواحدة باللغة الفارسية . ولم تستطع مدرسة اعداد المعلمين التي اسست حديثا ان توفر سوى جزء ضئيل من المتطلبات الملّحة لهذه المدارس ، في حين كان نطاق المدارس الثانوية الذي حدد في ثلاث مدن رئيسة ، منحطا الى درجة يؤسف لها . كذلك تغلغل السياسة التي عمّت البلد كله الى تلك المدارس في تلك الايام ، اقل ظهورا .
بعد 1958 اهتمت الحكومة بالتعليم وخاصة التعليم الاساسي ويعتبر التعليم في العراق لاحقا من الدول النامية المتطورة خاصة تم انشاء مدارس مهنية مختلفة وتعليم تقني لتهيئة الكادر المتوسط غير ان دخول العراق في سياسة الحروب ادى الى تدهور التعليم وتسرب كثير من الطلبة من مدارسهم وهذا لوحده يحتاج دراسة خاصة للتقييم .

د. جابر غايب طالب